قلت: ويشمل ست عشرة صورة أيضا حاصلة من ذلك بالنظر إلى المقتدين بعضهم مع بعض، كما أشار إليه في البدائع، حيث قال: وكذا إذا كان وجه بعضهم إلى ظهر بعض وظهر بعضهم إلى ظهر بعض لوجود استقبال القبلة. قوله: (في التوجه إلى الكعبة) زاده للإشارة إلى أنه ليس المراد اختلفت وجوههم بعضها عن بعض، لأنه على هذا التقدير لا يشمل صورة المواجهة ط.
تأمل. قوله: (إلى وجه إمامه) أي بأن يتوجه إلى الجهة التي توجه إليها إمامه، ويكون متقدما عليه فيها، سواء كاظهره مسامتا لوجه إمامه أو منحرفا عنه يمينا أو يسارا، لان العلة التقدم عند اتحاد الجهة. قوله: (ويكره الخ) قال في شرح الملتقى: لأنه يشبه عبادة الصور. وفي القهستاني عن الجلابي: وينبغي أن يجعل بينه وبين الامام سترة، بأن يعلق نطعا أو ثوبا ط: أي ليمنع عن المواجهة. قوله: (فهي أربع) يعني الجوانب من كل من المؤتم والامام فلا ينافي ما مر من أنها ستة عشرة، فافهم. قوله: (ويصح لو تحلقوا حولها) شروع في حكم الصلاة خارجها، والتحلق جائز، لان الصلاة بمكة تؤدى هكذا من لدن رسول الله (ص) إلى يومنا هذا والأفضل للامام أن يقف في مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام. بدائع. قوله: (إن لم يكن في جانبه) أما إذا كان أقرب إليها من الامام في الجهة التي يصلي إليها الامام، بأن كان متقدما على الامام بحذائه فيكون ظهره إلى وجه الامام، أو كان على يمين الامام أو يساره متقدما عليه من تلك الجهة ويكون ظهره إلى الصف الذي مع الامام ووجهه إلى الكعبة، فلا يصح اقتداؤه، لأنه إذا كان متقدما عليه لا يكون تابعا له. بدائع.
قوله: (لتأخره حكما) علة لصحة صلاة الأقرب إليها من إمامه إن لم يكن في جانب الامام، لان التقدم إنما يظهر عند اتحاد الجهة، فإذا لم تتحد لم يتحقق تقدمه على إمامه، والمانع من صحة الاقتداء هو التقدم ولم يوجد، وبما قررناه ظهر أن الأولى في التعليل أن يقول لعدم تقدمه، لان صحة الاقتداء لا تتوقف على التأخر بل تكون مع المساواة كما مر في محله. قوله: (وينبغي الفساد احتياطا الخ) البحث للشرنبلالي في حاشية الدرر، وكذا للرملي في حاشية البحر. وبيانه: أن المقتدى إذا استقبل ركن الحجر مثلا يكون كل من جانبيه جهة له، فإذا كان الامام مستقبلا لباب الكعبة وكان المقتدي أقرب إليها من الامام لا يصح، لان المقتدى وإن كان جانب يساره جهة له لكن جهة يمينه لما كانت جهة إمامه ترجحت احتياطا تقديما لمقتضى الفساد على مقتضى الصحة،