وقع اختلاف بين أهل عصره في أن الأربع المستحبة هل هي أربع مستقلة غير ركعتي الراتبة أو أربع بهما؟ وعلى الثاني هل تؤدى معهما بتسليمة واحدة أو لا، فقال جماعة: لا، واختار هو أنه إذا صلى أربعا بتسليمة أو تسليمتين وقع عن السنة والمندوب، وحقق ذلك بما لا مزيد عليه، وأقره في شرح المنية والبحر والنهر. قوله: (وحرر إباحة ركعتين الخ) فإنه ذكر أنه ذهبت طائفة إلى ندب فعلهما، وأنه أنكره كثير من السلف وأصحابنا ومالك. واستدل لذلك بما حقه أن يكتب بسواد الأحداق، ثم قال: والثابت بعد هذا هو نفي المندوبية، أما ثبوت الكراهة فلا، إلا أن يدل دليل آخر، وما ذكر من استلزام تأخير المغرب فقد قدمنا عن القنية استثناء القليل، والركعتان لا يزيد على القليل إذا تجوز فيهما ا ه. وقدمنا في مواقيت الصلاة بعض الكلام على ذلك. قوله: (آكدها سنة الفجر) لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها لم يكن النبي (ص) على شئ من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر وفي مسلم ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها وفي أبي داود لا تدعوا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل بحر. قوله: (في الأصح) استحسنه في الفتح فقال: ثم اختلف في الأفضل بعد ركعتي الفجر. قال الحلواني: ركعتا المغرب فإنه (ص) لم يدعهما سفرا ولا حضرا، ثم التي بعد الظهر لأنها سنة متفق عليها، بخلاف التي قبلها، لأنها قيل هي للفصل بين الأذان والإقامة، ثم التي بعد العشاء، ثم التي قبل الظهر، ثم التي قبل العصر، ثم التي قبل العشاء. وقيل التي بعد العشاء وقبل الظهر وبعده وبعد المغرب كلها سواء. وقيل التي قبل الظهر آكد، وصححه الحسن، وقد أحسن، لان نقل المواظبة الصريحة عليها أقوى من نقل مواظبته (ص) على غيرها من غير ركعتي الفجر ا ه. قوله: (لحديث الخ) قال في البحر: وهكذا صححه في العناية والنهاية، لان فيها وعيدا معروفا: قال عليه الصلاة والسلام من ترك أربعا قبل الظهر لم تنله شفاعتي ا ه. قال ط:
ولعله للتنفير عن الترك، أو شفاعته الخاصة بزيادة الدرجات. وأما الشفاعة العظمى فعامة لجميع المخلوقات. قوله: (وقيل بوجوبها) وهو ظاهر النهاية وغيرها خزائن.
قلت: وإليه يميل كلام البحر حيث قال: وقد ذكروا ما يدل على وجوبها، ثم ساق المسائل التي فرعها المنصف، ووفق بينه وبين ما في أكثر الكتب من أنها سنة مؤكدة بأن المؤكدة بمعنى الواجب. وأجاب عما ينافيه وكتبناه فيما علقناه عليه ما فيه. قوله: (اتفاقا) أما على القول بالوجوب فظاهر. وأما على القول بالسنية فمراعاة للقول بالوجوب ولآكديتها ط. هذا: وقد ذكر في البحر الاتفاق عن الخلاصة وأقره لكن نازع فيه في الامداد جازما بأن الجواز على القول بالسنية، وأن عدمه إنما هو على القول بالوجوب، واستند في ذلك إلى ما في الزيلعي والبرهان من التصريح ببناء ذلك على الخلاف. ثم قال: ولا يخفى ما في حكاية الاجماع على عدم الجواز، وليس الاجماع إلا على تأكدها ا ه. لكن يخالفه ما نذكره قريبا عن الخانية من الفرق بينهما وبين التراويح، في أنها لا تصح قاعدا لأنها سنة مؤكدة بلا خلاف. تأمل. قوله: (على الأصح) عزاه المصنف في المنح إلى باب التراويح من الخانية.