حواشي الشرواني - الشرواني والعبادي - ج ١٠ - الصفحة ١٤٣
القضاء على الغائب ونقله في البحر عن نص الام وأكثر الأصحاب لأنه إنما يراد به صحة الدعوى وقبول الشهادة فهو بمثابة سمعت البينة وقبلتها ولا إلزام في ذلك والحكم إلزام وأعلاها الثبوت مع الحكم والحكم أنواع ستة الحكم بصحة البيع مثلا والحكم بموجبه والحكم بموجب ما ثبت عنده والحكم بموجب ما قامت به البينة عنده والحكم بموجب ما أشهد به على نفسه والحكم بثبوت ما شهدت به البينة وأدنى هذه الأنواع هذا السادس وهو الحكم بثبوت ما شهدت به البينة لأنه لا يزيد على أن يكون حكما بتعديل البينة وفائدته عدم احتياج حاكم أخر إلى النظر فيها وجواز النقل في البلد وأعلاها الحكم بالصحة أو بالموجب أعني الأولين وأما هذان فلا يطلق القول بأن أحدهما أعلى من الآخر بل يختلف ذلك باختلاف الأشياء ففي شئ يكون الحكم بالصحة أعلى من الحكم بالموجب وفي شئ يكون الامر بالعكس فإذا كانت يختلف فيها وحكم بها من يراها كان حكمه بها أعلى من حكمه بالموجب مثاله بيع المدبر مختلف في صحته فالشافعي يرى صحته والحنفي يرى فساده فإذا حكم بصحته شافعي كان حكمه بها أعلى من حكمه بموجب البيع لأن حكمه في الأول حكم بالمختلف به قصدا وفي الثاني يكون حكمه به ضمنا لأنه في الثاني إنما حكم قصدا بترتب أثر البيع عليه واستتبع هذا الحكم الحكم بالصحة لأن أثر الشئ إنما يترتب عليه إذا كان صحيحا ومثل هذا تعليق طلاق المرأة على نكاحها فالشافعي يرى بطلانه والمالكي يرى صحته فلو حكم بصحته مالكي صح واستتبع حكمه به الحكم بوقوع الطلاق إذا وجد السبب هو النكاح بخلاف ما لو حكم بموجب التعليق المذكور فإنه يكون حكمه متوجها إلى وقوع الطلاق قصدا لا ضمنا فيكون لغوا لأن الوقوع لم يوجد فهو حكم بالشئ قبل وجوده فلا يمنع الشافعي أن يحكم بعد النكاح ببقاء العصمة وعدم وقوع الطلاق وإذا كان الشئ متفقا على صحته والخلاف في غيرها كان الامر بالعكس أي يكون الحكم بالموجب فيه أعلى من الحكم بالصحة مثاله التدبير متفق على صحته فإذا حكم الحنفي بصحته لا يكون حكمه مانعا للشافعي من الحكم بصحة بيعه بخلاف ما لو حكم الحنفي بموجب التدبير فأن حكمه بذلك يكون حكما ببطلان بيعه فهو مانع من حكم الشافعي بصحة بيعه وهل يكون حكم الشافعي بموجب التدبير حكما بصحة بيعه حتى لا يحكم الحنفي بفساده الظاهر كما قال الأشموني لا لأن جواز بيعه ليس من موجب التدبير بل التدبير ليس مانعا منه ولا مقتضيا له نعم جواز بيعه من موجبات الملك فلو حكم شافعي بموجب الملك فالظاهر أنه يكون مانعا للحنفي من الحكم ببطلان بيعه لأن الشافعي حينئذ قد حكم بصحة البيع ضمنا ومثل التدبير بيع الدار المتفق على صحته فإذا حكم الشافعي بصحته لا يكون حكمه مانعا للحنفي من الحكم بشفعة الجوار وإذا حكم بموجب البيع كان حكمه به مانعا للحنفي من ذلك ولو حكم شافعي بصحة إجارة لا يكون حكمه مانعا للحنفي من الحكم بفسخها بموت أحد المتاجرين وإن حكم الشافعي فيها بالموجب فالظاهر خلافا لبعضهم أن حكمه يكون مانعا للحنفي من الحكم بالفسخ بعد الموت لأن حكم الشافعي بالموجب قد يتناول الحكم بانسحاب بقاء الإجارة ضمنا وقد بان لك أن الحكم بالصحة يستلزم الصحة بالموجب وعكسه وهذا غالب لا دائم فقد يتجرد كل منهما عن الآخر مثال تجرد الصحة البيع بشرط الخيار فإنه صحيح ولم يترتب عليه أثره فيحكم فيه بالصحة ولا يحكم فيه بالموجب ومثال تجرد الموجب الخلع والكتابة على نحو خمر فإنهما فاسدان يترتب عليهما أثرهما من البينونة والعتق ولزوم مهر المثل والقيمة فيحكم فيهما بالموجب دون الصحة وكذا الربا والسرقة ونحوهما يحكم فيه بالموجب دون الصحة ويتوقف الحكم بموجب البيع مثلا كما أوضحته على ثبوت ملك المالك وحيازته وأهليته وصحة صيغته في مذهب الحاكم وقال ابن قاسم أخذا من كلام ابن شهبة والفرق بين الحكم بالصحة والحكم بالموجب أن الحكم بالموجب يستدعي صحة الصيغة وأهليه التصرف والحكم بالصحة يستدعي ذلك وكون التصرف صادرا في محله وفائدته في الأثر المختلف فيه فلو وقفه على نفسه وحكم بموجبه حاكم كان حكما منه بأن الواقف من أهل التصرف وصيغة وقف على نفسه صحيحة حتى لا يحكم ببطلانها من يرى الابطال وليس حكما بصحة وقفه
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الايمان) 2
2 فصل في بيان كفارة اليمين 16
3 فصل في الحلف على السكنى 20
4 فصل في الحلف على الأكل والشرب 23
5 فصل في صورة منثورة 44
6 فصل حلف لا يبيع أو لايشترى 61
7 (كتاب النذر) 67
8 فصل في نذر النسك و الصدقة وغيرها 87
9 (كتاب القضاء) 101
10 فصل فيما يقتضي انعزال القاضي أو عزله 120
11 فصل في آداب القضاء وغيرها 129
12 فصل في التسوية 150
13 باب القضاء على الغائب 163
14 فصل في غيبة المحكوم به عن مجلس القاضي 179
15 فصل في الغائب الذي تسمع البينة ويحكم عليه 186
16 باب القسمة 193
17 (كتاب الشهادات) 211
18 فصل في بيان قدر النصاب في الشهود 245
19 فصل في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 267
20 فصل في الشهادة على الشهادة 274
21 فصل في الرجوع عن الشهادة 278
22 (كتاب الدعوى) 285
23 فصل في جواب الدعوى 302
24 فصل في كيفية الحلف وضابط الحالف 311
25 فصل في تعارض البينتين 326
26 فصل في اختلاف المتداعيين 337
27 فصل في القائف 348
28 (كتاب العتق) 351
29 فصل في العتق بالبعضية 366
30 فصل في الاعتاق في مرض الموت 369
31 فصل في الولاء 375
32 (كتاب التدبير) 378
33 فصل في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها بصفة 386
34 (كتاب الكتابة) 390
35 فصل في بيان ما يلزم السيد ويسن له ويحرم عليه 399
36 فصل في بيان لزوم الكتابة من جانب السيد 408
37 فصل في بيان ما تفارق فيه الكتابة الباطلة الفاسدة 415
38 (كتاب أمهات الأولاد) 421