كقوله عند الركوب: * (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) * أي مطيقين، وعند المصيبة:
* (إنا لله وإنا إليه راجعون) * وما جرى به لسانه بلا قصد فإن قصد القرآن وحده أو مع الذكر حرم، وإن أطلق فلا. كما نبه عليه النووي في دقائقه لعدم الاخلال بحرمته لأنه لا يكون قرآنا إلا بالقصد قاله النووي وغيره، وظاهره أن ذلك جار فيما يوجد نظمه في غير القرآن كالآيتين المتقدمتين والبسملة والحمدلة، وفيما لا يوجد نظمه إلا فيه: كسورة الاخلاص وآية الكرسي وهو كذلك، وإن قال الزركشي لا شك في تحريم ما لا يوجد نظمه في غير القرآن، وتبعه على ذلك بعض المتأخرين كما شمل ذلك قول الروضة: أما إذا قرأ شيئا منه لا على قصد القرآن فيجوز. (و) الرابع (مس) شي من (المصحف) بتثليث الميم لكن الفتح غريب سواء في ذلك ورقه المكتوب فيه وغيره لقوله تعالى:
* (لا يمسه إلا المطهرون) * ويحرم أيضا مس جلده المتصل به لأنه كالجزء منه، ولهذا يتبعه في البيع، وأما المنفصل عنه فقضية كلام البيان حل مسه، وبه صرح الأسنوي وفرق بينه وبين حرمة الاستنجاء بأن الاستنجاء أفحش، ونقل الزركشي عن الغزالي أنه يحرم مسه أيضا، ولم ينقل ما يخالفه.
وقال ابن العماد: إنه الأصح إبقاء لحرمته قبل انفصاله انتهى. وهذا هو المعتمد إذا لم تنقطع نسبته عن المصحف، فإن انقطعت كأن جعل جلد كتاب لم يرحم مسه قطعا (و) كذا يحرم (حمله) أي المصحف لأنه أبلغ من المس، نعم يجوز حمله لضرورة كخوف عليه من غرق أو حرق أو نجاسة، أو وقوعه في يد كافر ولم يتمكن من الطهارة، بل يجب أخذه حينئذ كما ذكره في التحقيق والمجموع، فإن قدر على التيمم وجب وخرج بالمصحف غيره كتوراة وإنجيل ومنسوخ تلاوة من القرآن، وإن لم ينسخ حكمه فلا يحرم، ويحل حمله في متاع تبعا له إذا لم يكن مقصودا بالحمل بأن قصد حمل غيره أو لم يقصد شيئا لعدم الاخلال بتعظيمه حينئذ. بخلاف ما إذا كان مقصودا بالحمل ولو مع الأمتعة فإنه يحرم، وإن كان ظاهر كلام الشيخين يقتضي الحل في هذه الصورة كما لو قصد الجنب القراءة وغيرها، ويحل حمله في تفسير سواء تميزت ألفاظه بلون أم لا إذا كان التفسير أكثر من القرآن لعدم الاخلال بتعظيمه حينئذ، وليس هو في معنى المصحف بخلاف ما إذا كان القرآن أكثر منه لأنه في معنى المصحف أو كان مساويا له كما يؤخذ من كلام التحقيق. والفرق بينه وبين الحل فيما إذا استوى الحرير مع غيره أن باب الحرير أوسع بدليل جوازه للنساء، وفي بعض الأحوال للرجال كبرد، وظاهر كلام الأصحاب حيث كان التفسير أكثر لا يحرم مسه مطلقا قال في المجموع: لأنه ليس بمصحف أي ولا في معناه وحيث لم يحرم حمل التفسير ولا مسه بلا طهارة كرها. (و) الخامس (دخول المسجد) بمكث أو تردد لقوله تعالى: * (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) * قال ابن عباس وغيره: أي لا تقربوا مواضع الصلاة لأنه ليس فيها