فائدة أخرى: اختلف المتأخرون في حصاة تخرج عقب البول في بعض الأحيان وتسمى عند العامية بالحصية هل هي نجسة أم متنجسة تطهر بالغسل، والذي يظهر فيها ما قاله بعضهم وهو إن أخبر طبيب عدل بأنها منعقدة من البول فهي نجسة وإلا فمتنجسة. حكم المني من الحيوانات وحكم البيض (إلا المني) فطاهر من جميع الحيوانات إلا الكلب والخنزير وفرع أحدهما: أما مني الآدمي فلحديث عائشة رضي الله تعالى عنها: أنها كانت تحك المني من ثوب رسول الله (ص) ثم يصلي فيه. متفق عليه، وأما مني غير الآدمي فلانه أصل حيوان طاهر فأشبه مني الآدمي. ويستحب غسل المني كما في المجموع، للأخبار الصحيحة فيه وخروجا من الخلاف. والبيض المأخوذ من حيوان طاهر ولو من غير مأكول طاهر، وكذا المأخوذ من ميتة إن تصلب وبرز القز. وهو البيض الذي يخرج منه دود القز، ولو استحالت البيضة دما فهي طاهرة على ما صححه النووي في تنقيحه هنا، وصحح في شروط الصلاة منه أنها نجسة، والأوجه حمل هذا على ما إذا لم تستحل حيوانا والأول على خلافه. وقوله: (وغسل جميع الأبوال والأرواث واجب) أي من مأكول وغيره أراد به النجاسة المتوسطة كالبول والغائط بدليل ذكره النجاسة المخففة والمغلظة بعد ذلك، ويكفي غسل ذلك مرة لحديث: كانت الصلاة خمسين والغسل من الجنابة والبول سبع مرات، فلم يزل رسول الله (ص) يسأل الله التخفيف حتى جعلت الصلاة خمسا والغسل من الجنابة مرة واحدة ومن البول مرة. رواه أبو داود ولم يضعفه، وأمره (ص) بصب ذنوب على بول الاعرابي، وذلك في حكم غسلة واحدة وهو حجة الوجوب.
تنبيه: النجاسة على قسمين حكمية وعينية، فالحكمية كبول جف ولم يدرك له صفة، يكفي جري الماء عليها مرة واحدة، والعينية يجب إزالة صفاتها من طعم ولون وريح إلا ما عسر زواله من لون أو ريح، فلا تجب إزالته بل يطهر المحل، أما إذا اجتمعا فتجب إزالتهما مطلقا لقوة دلالتهما على بقاء العين كما يدل على بقائها بقاء الطعم وحده وإن عسر زواله، ويؤخذ من التعليل أن محل ذلك فيما إذا بقيا في محل واحد، فإن بقيا متفرقين لم يضر ولا تجب الاستعانة في زوال الأثر بغير الماء إلا إن تعينت.
وشرط ورود الماء إن قل لا إن كثر على المحل لئلا يتنجس الماء لو عكس فلا يطهر المحل والغسالة القليلة المنفصلة بلا تغير وبلا زيادة وزن - بعد اعتبار ما يتشربه المحل وقد طهر المحل - طاهرة، لأن المنفصل بعض ما كان متصلا، وقد فرض طهره ولا يشترط العصر إذا البلل بعض المنفصل وقد فرض طهره، ولكن يسن خروجا من الخلاف، فإن كانت كثيرة ولم تتغير أو لم تنفصل فطاهرة أيضا، وإن انفصلت متغيرة أو غير متغيرة وزاد وزنها بعد ما ذكر أو لم يزد ولم يطهر المحل فنجسة.
فرع: ماء نقل من البحر فوجد فيه طعم زبل أو لونه أو ريحه حكم بنجاسته كما قاله البغوي في تعليقه، ولا يشكل عليه قولهم لا يحد بريح الخمر لوضوح الفرق، وإن احتمل أن يكون ذلك من قربة