فائدة: روى الدارقطني وغيره عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: قال رسول الله (ص):
إن الله أعطاني نهرا يقال له الكوثر في الجنة لا يدخل أحدكم أصبعيه في أذنيه إلا سمع خرير ذلك النهر. قالت فقلت: يا رسول الله: وكيف ذلك؟ قال: أدخلي إصبعيك في أذنيك وسدي فالذي تسمعين فيهما من خرير الكوثر وهذا النهر يتشعب منه أنهار الجنة وهو مختص بنبينا (ص) نسأل الله تعالى من فضله وكرمه أن يمن علينا وعلى محبينا بالشرب منه، فإن من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدا. (الكلام على تخليل اللحية) (و) السابعة: (تخليل اللحية الكثة) وكل شعر يكفي غسل ظاهره بالأصابع من أسفله، لما روى الترمذي وصححه: أنه (ص) كان يخلل لحيته الكريمة. ولما روى أبو داود أنه (ص) كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء فأدخله تحت حنكه فخلل به لحيته وقال: هكذا أمرني ربي أما ما يجب غسله من ذلك كالخفيف والكثيف الذي في حد الوجه من لحية غير الرجل وعارضيه، فيجب إيصال الماء إلى ظاهره وباطنه ومنابته بتخليل أو غيره.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف في سن التخليل أنه لا فرق بين المحرم وغيره، وهو المعتمد كما اعتمده الزركشي في خادمه خلافا لابن المقري في روضة تبعا للمتولي، لكن المحرم يخلل برفق لئلا يتساقط منه شعره كما قالوه في تخليل شعر الميت. (القول في تخليل الأصابع) (و) من السابعة (تخليل أصابع الرجلين واليدين) أيضا لخبر لقيط بن صبرة أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع رواه الترمذي وغيره وصححوه والتخليل في أصابع اليدين بالتشبيك بينهما، في أصابع الرجلين يبدأ بخنصر الرجل اليمنى ويختم بخنصر الرجل اليسرى، ويخلل بخنصر يده اليسرى أو اليمنى، كما رجحه في المجموع من أسفل الرجلين. وإيصال الماء إلى ما بين الأصابع واجب بتخليل أو غيره إذا كانت ملتفة لا يصل الماء إليها إلا بالتخليل أو نحوه، فإن كانت ملتحمة ليجز فتقها. قال الأسنوي: ولم يتعرض النووي ولا غيره إلى تثليث التخليل.
وقد روى البيهقي بإسناد جيد كما قاله في شرح المهذب، عن عثمان رضي الله تعالى عنه: أنه توضأ فخلل بين أصابع قدميه ثلاثا ثلاثا وقال: رأيت رسول الله (ص) فعل كما فعلت. ومقتضى هذا استحباب تثليث التخليل انتهى وهذا ظاهر. (القول في تقديم اليمنى على اليسرى) (و) الثامنة: (تقديم) غسل (اليمنى على) غسل (اليسرى) من كل عضوين لا يسن غسلهما معا كاليدين والرجلين لخبر: وإذا توضأتم فابدأوا بميامنكم رواه ابنا خزيمة وحبان في صحيحيهما، ولأنه (ص): كان يحب التيامن في شأنه كله أي مما هو للتكريم كالغسل واللبس والاكتحال والتقليم وقص الشارب ونتف الإبط وحلق الرأس والسواك ودخول المسجد وتحليل الصلاة ومفارقة الخلاء والأكل والشرب والمصافحة واستلام الحجر الأسود والركن اليماني والاخذ والاعطاء والتياسر في ضده، كدخول الخلاء والاستنجاء والامتخاط وخلع اللباس وإزالة القذر وكره عكسه. أما ما يسن غسلهما معا كالخدين والكفين والأذنين، فلا يسن تقديم اليمنى فيهما. نعم من به علة لا يمكنه معها ذلك كأن قطعت إحدى يديه فيسن له تقديم اليمنى. (القول في التثليث في الطهارة) (و) التاسعة: (الطهارة ثلاثا ثلاثا) ويستوي في ذلك المغسول والممسوح والتخليل المندوب والمفروض للاتباع. رواه مسلم وغيره، وإنما لم يجب التثليث لأنه (ص) توضأ مرة مرة وتوضأ مرتين مرتين.
تنبيه: سكت المصنف عن تثليث القول كالتسمية والتشهد آخر الوضوء مع أن ذلك سنة، فقد روى التثليث في القول في التشهد أحمد وابن ماجة، وصرح به الروياني، وظاهر أن غير التشهد مما في معناه كالتسمية مثله، وسيأتي إن شاء الله تعالى أنه يكره تثليث مسح الخف. قال الزركشي: والظاهر إلحاق الجبيرة والعمامة إذا كمل بالمسح عليهما بالخف، وتكره الزيادة على الثلاث والنقص عنها