عن تعريف هذه الأصناف وأنا أذكرهم على نظم الآية الكريمة. فالأول - الفقير وهو من لا مال له ولا كسب لائق به، يقع جميعهما أو مجموعهما موقعا من كفايته مطعما وملبسا ومسكنا وغيرهما مما لا بد له منه على ما يليق بحاله وحال ممونه، كمن يحتاج إلى عشرة ولا يملك أو لا يكتسب إلا درهمين أو ثلاثة أو أربعة، وسواء أكان ما يملكه نصابا أم أقل أم أكثر. والثاني - المسكين وهو من له مال أو كسب لائق به يقع موقعا من كفايته ولا يكفيه، كمن يملك أو يكتسب سبعة أو ثمانية ولا يكفيه إلا عشرة، والمراد أنه لا يكفيه العمر الغالب ويمنع فقر الشخص ومسكنته كفايته بنفقة قريب أو زوج أو سيد لأنه غير محتاج كمكتسب كل يوم قدر كفايته واشتغاله بنوافل والكسب يمنعه منها لا اشتغاله بعلم شرعي يتأتى منه تحصيله والكسب يمنعه منه لأنه فرض كفاية، ولا يمنع ذلك أيضا مسكنه وخادمه وثيابه وكتب له يحتاجها، ولا مال له غائب بمرحلتين أو مؤجل فيعطى ما يكفيه إلى أن يصل إلى ماله أو يحل الاجل لأنه الآن فقير أو مسكين. والثالث - العامل على الزكاة، كساع يجبيها وكاتب يكتب ما أعطاه أرباب الأموال وقاسم وحاشر يجمعهم أو يجمع ذوي السهمان لا قاض ووال فلا حق لهما في الزكاة بل رزقهما في خمس الخمس المرصد للمصالح. والرابع - المؤلفة قلوبهم: جمع مؤلف من التأليف، وهو من أسلم ونيته ضعيفة فيتألف ليقوى إيمانه، أو من أسلم ونيته في الاسلام قوية ولكن له شرف في قومه يتوقع بإعطائه إسلام غيره، أو كاف لنا شر من يليه من كفار أو مانعي زكاة فهذان القسمان الأخيران إنما يعطيان إذا كان إعطاؤهما أهون علينا من جيش يبعث لذلك، فقول الماوردي يعتبر في إعطاء المؤلفة احتياجنا إليهم محمول على غير الصنفين الأولين، أما هما فلا يشترط فيهما ذلك كما هو ظاهر كلامهم.
وهل تكون المرأة من المؤلفة؟ وجهان أصحهما نعم. والخامس - الرقاب وهم المكاتبون كتابة صحيحة لغير مزك فيعطون ولو بغير إذن ساداتهم أو قبل حلول النجوم ما يعينهم على العتق إن لم يكن معهم ما يفي بنجومهم، أما مكاتب المزكي فلا يعطى من زكاته شيئا لعود الفائدة إليه مع كونه ملكه.
والسادس - الغارم وهو ثلاثة: من تداين لنفسه في مباح طاعة كان أو لا وإن صرفه في معصية أو في غير مباح كخمر وتاب وظن صدقه، أو صرفه في مباح فيعطى مع الحاجة بأن يحل الدين ولا يقدر على وفائه بخلاف ما لو تداين لمعصية وصرفه فيها ولم يتب، فلا يعطى وما لو لم يحتج لم يعط أو تداين لاصلاح ذات البين أي الحال بين القوم كأن خاف فتنة بين قبيلتين تنازعتا في قتيل لم يظهر قاتله فتحمل الدية تسكينا للفتنة فيعطى ولو غنيا ترغيبا في هذه المكرمة، أو تداين لضمان فيعطى إن أعسر مع الأصيل أو أعسر وحده وكان متبرعا بالضمان بخلاف ما إذا ضمن بالاذن. والسابع - سبيل الله تعالى وهو غاز ذكر متطوع بالجهاد فيعطى ولو غنيا إعانة له على الغزو. والثامن - ابن السبيل وهو منشئ سفر من بلد الزكاة، أو مجتاز به في سفره إن احتاج ولا معصية بسفره.
تنبيه: من علم الدافع من إمام أو غيره حاله من استحقاقه الزكاة وعدمه عمل بعلمه، ومن لا يعلم حاله فإن ادعى ضعف إسلام صدق بلا يمين، أو ادعى فقرا أو مسكنة فكذلك لا إن ادعى عيالا أو تلف مال عرف أن له فيكلف بينة لسهولتها كعامل ومكاتب وغارم وبقية المؤلفة، وصدق غاز وابن السبيل بلا يمين، فإن تخلفا عما أخذا لأجله استرد منهما ما أخذاه والبينة هنا إخبار عدلين أو عدل وامرأتين، ويغني عن البينة استفاضة بين الناس وتصديق دائن في الغارم وسيد للمكاتب. ويعطى فقير ومسكين