قلب المصاب والغالب سكونه فيها فلا يجدد حزنه بها ويقال في تعزية المسلم بالمسلم: أعظم الله أجرك أي جعله عظيما، وأحسن عزاءك أي جعله حسنا، وغفر لميتك، ويقال في تعزيته بالكافر، الذمي:
أعظم الله أجرك وصبرك وأخلف عليك أو جبر مصيبتك أو نحو ذلك، ويقال في تعزية الكافر بالمسلم:
غفر الله لميتك وأحسن عزاءك، أما الكافر غير المحترم من حربي أو مرتد كما بحثه الأذرعي فلا يعزى وهل هو حرام أو مكروه؟ الظاهر في المهمات الأول، ومقتضى كلام الشيخ أبي حامد الثاني وهو الظاهر هذا إن لم يرج إسلامه، فإن رجي إسلامه استحب كما يؤخذ من كلام السبكي، وأما تعزية الكافر بالكافر فهي غير مندوبة كما اقتضاه كلام الشرح والروضة بل هي جائزة إن لم يرج إسلامه، وصيغتها: أخلف الله عليك ولا نقص عددك لأن ذلك ينفعنا في الدنيا بكثرة الجزية وفي الآخرة بالفداء من النار. قال في المجموع: وهو مشكل لأنه دعاء بدوام الكفر فالمختار تركه، ومنعه ابن النقيب لأنه ليس فيه ما يقتضي البقاء على الكفر ولا يحتاج إلى تأويله بتكثير الجزية. (ولا يدفن اثنان) ابتداء (في قبر واحد) بل يفرد كل ميت بقبر حالة الاختيار للاتباع، فلو جمع اثنان في قبر واتحد الجنس كرجلين أو امرأتين كره عند الماوردي وحرم عند السرخسي، ونقله عنه النووي في مجموعه مقتصرا عليه، وعقبه بقوله: وعبارة الأكثرين ولا يدفن اثنان في قبر، ونازع في التحريم السبكي وسيأتي ما يقوي التحريم (إلا لحاجة) أي الضرورة كما في كلام الشيخين كأن كثر الموتى وعسر إفراد كل ميت بقبر فيجمع بين الاثنين والثلاثة والأكثر في قبر بحسب الضرورة وكذا في ثوب للاتباع في قتلى أحد، رواه البخاري. فيقدم حينئذ أفضلهما ندبا وهو الأحق بالإمامة إلى جدار القبر القبلي لأنه (ص) كان يسأل في قتلى أحد عن أكثرهم قرآنا فيقدمه إلى اللحد لكن لا يقدم فرع على أصله من جنسه وإن علا حتى يقدم الجد ولو من قبل الام وكذا الجدة قاله الأسنوي، فيقدم الأب على الابن وإن كان أفضل منه لحرمة الأبوة، وتقدم الام على البنت وإن كانت أفضل منها، أما الابن مع الام فيقدم لفضيلة الذكورة، ويقدم الرجل على الصبي والصبي على الخنثى والخنثى على المرأة، ولا يجمع رجل وامرأة في قبر واحد إلا لضرورة فيحرم عند عدمها كما في الحياة. قال ابن الصلاح: ومحله إذا لم يكن بينهما محرمية أو زوجية وإلا فيجوز الجمع. قال الأسنوي: وهو متجه. والذي في المجموع أنه لا فرق فقال إنه حرام حتى في الام مع ولدها وهذا هو الظاهر، إذ العلة في منع الجمع الايذاء لأن الشهوة قد انقطعت فلا فرق بين المحرم وغيره، ولا بين أن يكونا من جنس واحد أم لا، والخنثى مع الخنثى أو غيره كالأنثى مع الذكر والصغير الذي لم يبلغ حد الشهوة كالمحرم، ويحجز بين الميتين بتراب حيث جمع بينهما ندبا كما جزم به ابن المقري في شرح إرشاده ولو اتحد الجنس. وأما نبشه بعد دفنه وقبل البلى عند أهل الخبرة بتلك الأرض للنقل وغيره كالصلاة عليه وتكفينه فحرام لأن فيه هتكا لحرمته إلا لضرورة كأن دفن بلا غسل ولا تيمم بشرطه وهو ممن يجب غسله لأنه واجب، فاستدرك عند قربه فيجب على المشهور نبشه وغسله إن لم يتغير أو دفن في أرض أو في ثوب مغصوبين وطالب بهما مالكهما فيجب النبش ولو تغير الميت ليصل المستحق إلى حقه، ويسن لصاحبهما الترك. ومحل النبش في الثوب إذا وجد ما يكفن فيه الميت وإلا فلا يجوز النبش كما اقتضاه كلام الشيخ أبي حامد وغيره. قال الرافعي:
والكفن الحرير أي للرجل كالمغصوب. قال النووي: وفيه نظر وينبغي أن يقطع فيه بعدم النبش انتهى.
وهذا هو المعتمد لأنه حق الله تعالى أو وقع في القبر مال وإن قل كخاتم فيجب نبشه وإن تغير الميت