(ويضجع في القبر) على يمينه ندبا كما في الاضطجاع عند النوم، فإن وضع على يساره كره ولم ينبش، ويندب أن يفضي بخده إلى الأرض (بعد أن) يوسع بأن يزاد في طوله وعرضه وأن (يعمق) القبر وهو بضم حرف المضارعة وفتح المهملة الزيادة في النزول (قامة وبسطة) من رجل معتدل لهما وهما أربعة أذرع ونصف كما صوبه النووي خلافا للرافعي في قوله إنهما ثلاثة أذرع ونصف تبعا للمحاملي، ويندب أن يسند وجهه ورجلاه إلى جدار القبر وظهره بنحو لبنة كحجر حتى لا ينكب ولا يستلقي، وأن يسد فتحه - بفتح الفاء وسكون التاء - بنحو لبن كطين بأن يبني بذلك ثم يسد فرجه بكسر لبن وطين أو نحوهما، وكره أن يجعل له فرش ومخدة وصندوق لم يحتج إليه لأن في ذلك إضاعة مال، أما إذا احتيج إلى صندوق لنداوة ونحوها كرخاوة في الأرض ولا يكره ولا تنفذ وصيته إلا حينئذ، ولا يكره دفنه ليلا مطلقا ووقت كراهة صلاة ما لم يتحره بالاجماع، فإن تحراه كره كما في المجموع (ولا يبنى) على القبر نحو قبة كبيت (ولا يجصص) أي يبيض بالجص وهو الجبس وقيل الجير والمراد هنا هما أو أحدهما، أي يكره البناء والتجصيص للنهي عنهما في صحيح مسلم. وخرج بتجصيصه تطيينه فإنه لا بأس به كما نص عليه في الام. وقال في المجموع إنه الصحيح، وتكره الكتابة عليه سواء كتب عليه اسم صاحبه أم غيره. ويكره أن يجعل على القبر مظلة لأن عمر رضي الله تعالى عنه رأى قبة فنحاها وقال: دعوه يظله عمله. ولو بني عليه في مقبرة مسبلة وهي التي جرت عادة أهل البلد بالدفن فيها حرم وهدم لأنه يضيق على الناس، ولا فرق بين أن يبني قبة أو بيتا أو مسجدا أو غير ذلك، ومن المسبل كما قاله الدميري قرافة مصر قال ابن عبد الحكم: ذكر في تاريخ مصر أن عمرو بن العاص أعطاه المقوقس فيها مالا جزيلا، وذكر أنه وجد في الكتاب الأول أنها تربة أهل الجنة فكاتب عمر بن الخطاب في ذلك فكتب إليه إني لا أعرف تربة الجنة إلا لأجساد المؤمنين فاجعلوها لموتاكم. ويندب أن يرش القبر بماء لأنه (ص) فعله بقبر ولده إبراهيم والأولى أن يكون طهورا باردا، وخرج بالماء ماء الورد فالرش به مكروه لأنه إضاعة مال. وقال السبكي: لا بأس باليسير منه إن قصد به حضور الملائكة فإنها تحب الرائحة الطيبة انتهى. ولعل هذا هو المانع من حرمة إضاعة المال. ويسن وضع الجريد الأخضر على القبر وكذا الريحان ونحوه من الشئ الرطب، ولا يجوز للغير أخذه من على القبر قبل يبسه لأن صاحبه لم يعرض عنه إلا عند يبسه لزوال نفعه الذي كان فيه وقت رطوبته وهو الاستغفار، وأن يضع عند رأسه حجرا أو خشبة أو نحو ذلك لأنه (ص) وضع عند رأس عثمان بن مظعون صخرة وقال: أتعلم بها قبر أخي لأدفن إليه من مات من أهلي ويندب جمع أقارب الميت في موضع واحد من المقبرة لأنه أسهل على الزائر، والدفن في المقبرة أفضل منه بغيرها لينال الميت دعاء المارين والزائرين، ويكره المبيت بها لما فيها من الوحشة، ويندب زيارة القبور التي فيها المسلمون للرجال بالاجماع وكانت زيارتها منهيا عنها ثم نسخت بقوله (ص): كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ويكره زيارتها للنساء لأنها مظنة لطلب بكائهن ورفع أصواتهن، نعم يندب لهن زيارة قبر رسول الله (ص) فإنها من أعظم القربات، وينبغي أن يلحق بذلك بقية الأنبياء والصالحين والشهداء، ويندب أن يسلم الزائر لقبور المسلمين مستقبلا وجه الميت قائلا ما علمه (ص) لأصحابه إذا خرجوا للمقابر: السلام على أهل الدار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون أسأل الله لي ولكم العافية أو السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون رواهما مسلم وزاد أبو داود: اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم لكن بسند ضعيف وقوله إن شاء الله للتبرك، ويقرأ عندهم ما تيسر من القرآن فإن الرحمة تنزل في محل القراءة والميت كحاضر ترجى له الرحمة
(١٩٢)