ويدعو له عقب القراءة لأن الدعاء ينفع الميت وهو عقب القراءة أقرب إلى الإجابة، وأن يقرب زائره منه كقربه منه في زيارته حيا احتراما له قاله النووي ويستحب الاكثار من الزيارة وأن يكثر الوقوف عند قبور أهل الخير والفضل. (ولا بأس بالبكاء على الميت) قبل الموت وبعده قال في الروضة كأصلها: والبكاء قبل الموت أولى من بعده لكن الأولى عدمه بحضرة المحتضر، والبكاء عليه بعد الموت خلاف الأولى لأنه حينئذ يكون أسفا على ما فات نقله في المجموع عن الجمهور، ولكن يكون (من غير نوح) وهو رفع الصوت بالندب قاله في المجموع وهو حرام لخبر: النائحة إذا لم تتب تقوم يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب رواه مسلم والسربال القميص والدرع قميص فوقه (ولا شق جيب) ونحوه كنشر شعر وتسويد وجه وإلقاء رماد على رأس ورفع صوت بإفراط في البكاء، أي يحرم ذلك لخبر الشيخين ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية والجيب هو تقدير موضع دخول رأس اللابس من الثوب قال صاحب المطالع.
ويحرم أيضا الجزع بضرب صدره ونحوه كضرب خد، ومن ذلك أيضا تغيير الزي ولبس غير ما جرت به العادة والضابط كل فعل يتضمن إظهار جزع ينافي الانقياد والاستسلام لقضاء الله تعالى ولا يعذب الميت بشئ من ذلك ما لم يوص به. قال تعالى * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * خلاف ما إذا أوصى به وعليه حمل الجمهور الأخبار الواردة بتعذيب الميت على ذلك، والأصح كما قاله الشيخ أبو حامد أن ما ذكر محمول على الكافر وغيره من أصحاب الذنوب. وتندب المبادرة بقضاء دين الميت إن تيسر حالا. قبل الاشتغال بتجهيزه لخبر نفس المؤمن أي روحه معلقة أي محبوسة عن مقامها الكريم بدينه حتى يقضى عنه رواه الترمذي وحسنه وتجب المبادرة عند طلب المستحق حقه وبتنفيذ وصيته، وتجب عند طلب الموصى له المعين وكذا عند المكنة في الوصية للفقراء ونحوهم من ذوي الحاجات أو كان قد أوصى بتعجيلها. ويكره تمني الموت لضر نزل في بدنه أو ضيق في دنياه إلا لفتنة دين فلا يكره كما في المجموع، أما تمنيه لغرض أخروي فمحبوب كتمني الشهادة في سبيل الله ويسن التداوي لخبر إن الله لم يضع داء إلا جعل له دواء غير الهرم قال في المجموع: فإن ترك التداوي توكلا على الله فهو أفضل، ويكره إكراه المريض عليه وكذا إكراهه على الطعام، ويجب أن يستعد للموت كل مكلف بتوبة بأن يبادر بها لئلا يفجأه الموت المفوت لها، ويسن أن يكثر من ذكر الموت لخبر أكثروا من ذكر هاذم اللذات فإنه ما يذكر في كثير إلا قلله ولا قليل إلا كثره أي كثير من الامل في الدنيا وقليل من العمل. وهاذم بالمعجمة أي قاطع، ويحرم نقل الميت قبل دفنه من محل موته إلى محل أبعد من مقبرة محل موته ليدفن فيه إلا أن يكون بقرب مكة أو المدينة أو بيت المقدس نص عليه الشافعي لفضلها. (ويعزى) ندبا (أهله) أي الميت كبيرهم وصغيرهم وذكرهم وأنثاهم لما رواه ابن ماجة والبيهقي بإسناد حسن ما من مسلم يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة نعم الشابة لا يعزيها أجنبي وإنما يعزيها محارمها وزوجها، وكذا من ألحق بهم في جواز النظر فيما يظهر، وصرح ابن خيران بأنه يستحب التعزية بالمملوك بل قال الزركشي: يستحب أن يعزى بكل من يحصل له عليه وجد كما ذكره الحسن البصري حتى الزوجة والصديق، وتعبيرهم بالأهل جري على الغالب وتندب البداءة بأضعفهم عن حمل المصيبة، وتسن قبل دفنه لأنه وقت شدة الجزع والحزن ولكن بعده أولى لاشتغالهم قبله بتجهيزه إلا إن أفرط حزنهم فتقديمها أولى ليصبرهم. وغايتها (إلى) آخر (ثلاثة أيام) تقريبا تمضي (من) وقت الموت لحاضر ومن القدوم لغائب وقيل من وقت (دفنه) ومثل الغائب المريض والمحبوس فتكره التعزية بعدها إذ الغرض منها تسكين