الشعير والحنطة والتمر والزبيب فالحصر فيه إضافي أي بالنسبة إلى ما كان موجودا عندهم، وخرج بالقوت غيره كخوخ ورمان وتين ولوز وتفاح ومشمش، وبالاختيار ما يقتات في الجدب اضطرارا كحبوب البوادي كحب الحنظل وحب الغاسول وهو الأشنان فلا زكاة فيها كما لا زكاة في الوحشيات من الظباء ونحوها، وأبدل المصنف تبعا لغيره قيد الاختيار بما يزرعه الآدميون، وعبارة التنبيه مما يستنبته الآدميون لأن ما لا يزرعونه ولا يستنبتونه ليس فيه شئ يقتات اختيارا.
تنبيه: يستثنى من إطلاق المصنف ما لو حمل السيل حبا تجب فيه الزكاة من دار الحرب فنبت بأرضنا فإنه زكاة فيه كالنخل المباح في الصحراء، وكذا ثمار البستان وغلة القرية الموقوفين على المساجد والربط والقناطر والفقراء والمساكين لا تجب الزكاة فيها على الصحيح إذ ليس لها مالك معين، ولو أخذ الإمام الخراج على أن يكون بدلا عن العشر كأن أخذ القيمة في الزكاة بالاجتهاد فيسقط به الفرض وإن نقص عن الواجب تممه. (و) الثالث (أن يكون نصابا) كاملا (وهو خمسة أوسق) لقوله (ص) ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة رواه الشيخان. والوسق بالفتح على الأفصح وهو مصدر بمعنى الجمع، سمي به هذا المقدار لأجل ما جمعه من الصيعان. قال الله تعالى * (والليل وما وسق) * أي جمع، وسيأتي بيان الأوسق بالوزن في كلامه وقدرها بالكيل في الشرح، ويعتبر في الخمسة الأوسق أن تكون مصفاة من تبنها (لا قشر عليها) لأن ذلك لا يؤكل معها. وأما ما ادخر في قشره ولم يؤكل معه من أرز وعلس - بفتح العين واللام نوع من البر - فنصابه عشرة أوسق غالبا اعتبارا بقشره الذي ادخاره فيه أصلح له وأبقى ولا يكمل في النصاب جنس بجنس كالحنطة مع الشعير، ويكمل في نصاب نوع بآخر كبر بعلس لأنه نوع منه كما مر، ويخرج من كل نوع من النوعين بقسطه، فإن عسر إخراجه لكثرة الأنواع وقلة مقدار كل نوع منها أخرج الوسط منها لا أعلاها ولا أدناها رعاية للجانبين، ولو تكلف وأخرج من كل نوع قسطه جاز بل هو الأفضل.
والسلت - بضم السين وسكون اللام - جنس مستقل لأنه يشبه الشعير في برودة الطبع والحنطة في اللون والملامسة، فاكتسب من تركب الشبهين طبعا انفرد به وصار أصلا برأسه فلا يضم إلى غيره (وأما الثمار فتجب الزكاة في شيئين منها) فقط وهما (ثمرة النخل وثمرة الكرم) أي العنب لأنهما من الأقوات المدخرة، ولو عبر المصنف بالعنب لكان أولى لورود النهي عن تسميته بالكرم قال (ص):
لا تسموا العنب كرما إنما الكرم الرجل المسلم رواه مسلم. فقيل سمي كرما من الكرم - بفتح الراء - لأن الخمرة المتخذة منه تحمل عليه فكره أن يسمى به، وجعل المؤمن أحق بما يشتق من الكرم يقال: رجل كرم - بإسكان الراء وفتحها - أي كريم. وثمرات النخيل والأعناب أفضل الثمار وشجرهما أفضل بالاتفاق، واختلفوا في أيهما أفضل والراجح أن النخل أفضل لورود أكرموا عماتكم النخل المطعمات في المحل وإنها خلقت من طينة آدم والنخل مقدم على العنب في جميع القرآن، وشبه (ص) النخلة بالمؤمن فإنها تشرب برأسها، فإذا قطع ماتت، وينتفع بجميع أجزائها وهي الشجرة الطيبة المذكورة في القرآن، فكانت أفضل وليس في الشجر شجر فيه ذكر وأنثى تحتاج الأنثى فيه إلى الذكر سواه، وشبه (ص)