النصاب ولو يسيرا (فبحسابه) والفرق بينهما وبين المواشي ضرر المشاركة، والمعنى في ذلك أن الذهب والفضة معدان للنماء كالماشية السائمة، وهما من أشرف نعم الله تعالى على عباده إذ بهما قوام الدنيا ونظام أحوال الخلق فإن حاجات الناس كثيرة وكلها تقضى بهما بخلاف غيرهما من الأموال، فمن كنزهما فقد أبطل الحكمة التي خلقا لها كمن حبس قاضي البلد ومنعه أن يقضي حوائج الناس، ولا يكمل نصاب أحد النقدين بالآخر لاختلاف الجنس كما لا يكمل نصاب التمر بالزبيب، ويكمل الجيد بالردئ من الجنس الواحد وعكسه كما في الماشية، والمراد بالجودة النعومة ونحوها، وبالرداء الخشونة ونحوها، ويؤخذ من كل نوع بقسطه إن سهل الاخذ بأن قلت أنواعه، فإن كثرت وشق اعتبار الجميع أخذ من الوسط كما في المعشرات ولا يجزئ ردئ عن جيد ولا مكسور عن صحيح كما لو أخرج مريضة عن صحاح قالوا: ويجزئ عكسه بل هو أفضل لأنه زاد خيرا فيسلم المخرج الدينار الصحيح أو الجيد إلى من يوكله الفقراء منهم أو من غيرهم. قال في المجموع: وإن لزمه نصف دينار سلم إليهم دينارا نصفه عن الزكاة ونصفه يبقى له معهم أمانة، ثم يتفاصل هو وهم فيه بأن يبيعوه لأجنبي ويتقاسموا ثمنه أو يشتروا منه نصفه، أو يشتري هو نصفهم لكن يكره له شراء صدقته ممن تصدق عليه سواء فيه الزكاة وصدقة التطوع، ولا شي في المغشوش وهو المختلط بما هو أدون منه كذهب بفضة وفضة بنحاس حتى يبلغ خالصه نصابا فإذا بلغه أخرج الواجب خالصا أو مغشوشا خالصه قدر الواجب وكان متطوعا بالنحاس، ويكره للإمام ضرب المغشوش لخبر الصحيحين من غشنا فليس منا ولئلا يغش به بعض الناس بعضا، فإن علم معيارها صحت المعاملة بها وكذا إذا كانت مجهولة على الأصح كبيع الغالية والمعجونات.
ويكره لغير الإمام ضرب الدراهم والدنانير ولو خالصة لأنه من شأن الإمام ولان فيه اقتياتا عليه.
(ولا تجب في الحلي المباح) من ذهب أو فضة كخلخال لامرأة (زكاة) لأنه معد لاستعمال مباح فأشبه العوامل من النعم، ويزكى المحرم من حلي ومن غيره كالأواني بالاجماع وكذا المكروه كالضبة الكبيرة من الفضة للحاجة والصغيرة للزينة، ومن المحرم الميل للمرأة وغيرها فيحرم عليهما.
نعم لو اتخذ شخص ميلا من ذهب أو فضة لجلاء عينه فهو مباح فلا زكاة فيه، والسوار والخلخال للبس الرجل بأن يقصده باتخاذهما فهما محرمان بالقصد، والخنثى في حلي النساء كالرجل وفي حلي الرجال كالمرأة احتياطا للشك في إباحته، فلو اتخذ الرجل سوارا مثلا بلا قصد لا للبس ولا لغيره أو بقصد إجارته لمن له استعماله بلا كراهة فلا زكاة فيه لانتفاء القصد المحرم والمكروه، وكذا لو انكسر الحلي المباح للاستعمال وقصد إصلاحه وأمكن بلا صوغ فلا زكاة أيضا وإن دام أحوالا لدوام صورة الحلي وقصد إصلاحه، وحيث أوجبنا الزكاة في الحلي واختلفت قيمته ووزنه فالعبرة بقيمته لا بوزنه بخلاف المحرم لعينه كالأواني فالعبرة بوزنه لا بقيمته، فلو كان له حلي وزنه مائتا درهم وقيمته ثلاثمائة تخير بين أن يخرج ربع عشره مشاعا ثم يبيعه الساعي بغير جنسه ويفرق ثمنه على المستحقين، أو يخرج خمسة مصوغة قيمتها سبعة ونصف نقدا، ولا يجوز كسره