لأنه يحتمل في الصلاة عنده في الجماعة وغيرها ما لا يحتمل فيها عند غيره على ما سيأتي بيانه. والأصل فيها قوله تعالى * (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة) * الآية والأخبار الآتية مع خبر: صلوا كما رأيتموني أصلي وتجوز في الحضر كالسفر خلافا لمالك. (وصلاة الخوف على ثلاثة أضرب) بل أربعة كما ستراها ذكر الشافعي رابعها وجاء به القرآن، واختار بقيتها من ستة عشر نوعا مذكورة في الاخبار وبعضها في القرآن. (أحدها أن يكون العدو في غير جهة القبلة) أو فيها وثم ساتر وهو قليل، وفي المسلمين كثرة وخيف هجومه (فيفرقهم الإمام فرقتين) بحيث تكون كل فرقة تقاوم العدو (فرقة تقف في وجه العدو) للحراسة (وفرقة) تقف (خلفه فيصلي بالفرقة التي خلفه ركعة) من الثنائية بعد أن ينحاز بهم إلى حيث لا يبلغهم سهام العدو (ثم) إذا قام الإمام للثانية فارقته بالنية بعد الانتصاب ندبا وقبله بعد الرفع من السجود جوازا، و (تتم لنفسها) الركعة الثانية (وتمضي) بعد سلامها (إلى وجه العدو) للحراسة. ويسن للإمام تخفيف الأولى لاشتغال قلوبهم بما هم فيه، ويسن لهم كلهم تخفيف الثانية التي انفردوا بها لئلا يطول الانتظار (وتجئ الطائفة) أي الفرقة (الأخرى) بعد ذهاب أولئك إلى جهة العدو والإمام قائم في الثانية، ويطيل القيام ندبا إلى لحوقهم (فيصلي بها) بعد اقتدائها به (ركعة) فإذا جلس الإمام للتشهد قامت (وتتم لنفسها) ثانيتها وهو منتظر لها وهي غير منفردة عنه بل مقتدية به ولحقته وهو جالس (ثم يسلم بها) لتحوز فضيلة التحلل معه كما حازت الأولى فضيلة التحرم معه.
وهذه صفة صلاة رسول الله (ص) بذات الرقاع مكان من نجد بأرض غطفان. رواها الشيخان وسميت بذلك لأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم لفوا بأرجلهم الخرق لما تقرحت، وقيل باسم شجرة هناك، وقيل باسم جبل فيه بياض وحمرة يقال له الرقاع، وقيل لترقع صلاتهم فيها. ويقرأ الإمام بعد قيامه للركعة الثانية الفاتحة وسورة بعدها في زمن انتظاره الفرقة الثانية، ويتشهد في جلوسه لانتظارها، فإن صلى الإمام مغربا على كيفية ذات الرقاع فبفرقة ركعتين وبالثانية ركعة وهو أفضل من عكسه الجائز أيضا، وينتظر مجئ الثانية ولهم في جلوس تشهده أو قيام الثالثة وهو أفضل، أو صلى رباعية فبكل ركعتين، فلو فرقهم أربع فرق وصلى بكل فرقة ركعة صحت صلاة الجميع.
وسهو كل فرقة محمول في أولاهم لاقتدائهم فيها وكذا ثانية الثانية لا ثانية الأولى لانفرادهم، وسهو الإمام في الركعة الأولى يلحق الجميع وفي الثانية لا يلحق الأولى لمفارقتهم قبل السهو. (و) الضرب (الثاني أن يكون العدو في جهة القبلة) ولا ساتر بيننا وبينهم وفينا كثرة بحيث تقاوم كل فرقة العدو (فيصفهم الإمام صفين) فأكثر خلفه (ويحرم بهم) جميعا ويستمرون معه إلى اعتدال الركعة الأولى لأن الحراسة الآتية محلها الاعتدال لا الركوع كما يعلم من قوله (فإذا سجد) الإمام في الركعة الأولى (سجد معه أحد الصفين) سجدتيه (ووقف الصف الآخر) على حالة الاعتدال (يحرسهم) أي الساجدين مع الإمام (فإذا رفع) الصف الساجد من السجدة الثانية (سجدوا) أي الحارسون لاكمال ركعتهم (ولحقوه) في الركعة الثانية وسجد