وهو هنا بمعنى الامرين، لأن من أمر غير الماء على أعضاء الطهارة بنية الوضوء أو الغسل لا يجوز ويحرم لأنه تقرب بما ليس موضوعا للتقرب فعصى لتلاعبه، (سبع مياه) بتقديم السين على الموحدة:
أحدها (ماء السماء) لقوله تعالى * (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) * وبدأ المصنف رحمه الله بها لشرفها على الأرض كما هو الأصح في المجموع. وهل للمراد بالسماء في الآية الجرم المعهود أو السحاب؟ قولان. حكاهما النووي في دقائق الروضة، ولا مانع من أن ينزل من كل منهما. (و) ثانيها: (ماء البحر) أي المالح لحديث: هو الطهور ماؤه الحل ميتته صححه الترمذي وسمي بحرا لعمقه واتساعه.
تنبيه: حيث أطلق البحر فالمراد به المالح غالبا، ويقل في العذب كما قاله في المحكم.
فائدة: اعترض بعضهم على الشافعي في قوله: كل ماء من بحر عذب أو مالح فالتطهير به جائز بأنه لحن، وإنما يصح من بحر ملح وهو مخطئ في ذلك. قال الشاعر: (الطويل) فلو تفلت في البحر والبحر مالح لأصبح ماء البحر من ريقها عذبا ولكن فهمه السقيم أداه إلى ذلك قال الشاعر:
وكم من عائب قولا صحيحا وافته من الفهم السقيم (و) ثالثها: (ماء النهر) العذب وهو بفتح الهاء وسكونها كالنيل والفرات ونحوهما بالاجماع. (و) رابعها:
(ماء البئر) لقوله (ص): الماء لا ينجسه شئ لما سئل عن بئر بضاعة بالضم لأنه توضأ منها ومن بئر رومة.
تنبيه: شمل إطلاقه البئر بئر زمزم لأنه (ص) توضأ منها. وفي المجموع حكاية الاجماع على صحة الطهارة به، وإنه لا ينبغي إزالة النجاسة به، سيما في الاستنجاء لما قيل إنه يورث البواسير، وذكر نحوه ابن الملقن في شرح البخاري، وهل إزالة النجاسة به حرام أو مكروه أو خلاف الأولى؟
أوجه حكاها الدميري والطيب الناشري من غير ترجيح تبعا للأذرعي. والمعتمد الكراهة، لأن أبا ذر رضي الله تعالى عنه أزال به الدم الذي أدمته قريش حين رجموه كما هو في صحيح مسلم، وغسلت أسماء بنت أبي بكر ولدها عبد الله ابن الزبير رضي الله تعالى عنهم حين قتل وتقطعت أوصاله بماء زمزم بمحضر من الصحابة وغيرهم، ولم ينكر ذلك عليها أحد منهم. (و) خامسها: (ماء العين) الأرضية كالنابعة من أرض أو الجبل، أو الحيوانية كالنابعة من الزلال وهو شئ ينعقد من الماء على صورة الحيوان، أو الانسانية كالنابعة، من بين أصابعه (ص) من ذاتها على خلاف فيه، وهو أفضل المياه مطلقا. (و) سادسها: (ماء الثلج) بالمثلثة (و) سابعها: (ماء البرد) بفتح الراء لأنهما ينزلان من السماء ثم يعرض لهما الجمود في الهواء كما يعرض لهما على وجه الأرض قاله ابن الرفعة في الكفاية. فلا يردان على المصنف وكذا لا يرد عليه أيضا رشح بخار الماء لأنه ماء حقيقة وينقص بقدره، وهذا هو المعتمد كما صححه النووي