الذي هو خلق قدرة الطاعة في العبد (للصواب) الذي هو ضد الخطأ بأن يقدرني الله على اتمامه كما أقدرني على ابتدائه فإنه كريم جواد لا يرد من سأله واعتمد عليه (إنه) سبحانه وتعالى (على ما يشاء) أي يريد (قدير) أي قادر والقدرة صفة تؤثر في الشئ عند تعلقها به وهي إحدى الصفات الثمانية القديمة الثابتة عند أهل السنة التي هي صفات الذات القديم المقدس (و) هو سبحانه وتعالى (بعباده جمع عبد وهو كما قال في المحكم الانسان حرا كان أو رقيقا فقد دعى صلى الله عليه وسلم بذلك في أشرف المواطن كالحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب سبحان الذي أسرى بعبده ليلا وقال أبو علي الدقاق ليس للمؤمن صفة أتم ولا أشرف من العبودية كما قال القائل:
لا تدعني إلا بيا عبدها * فإنه أشرف أسمائي وقوله (لطيف) من أسمائه تعالى بالاجماع واللطف الرأفة والرفق وهو من الله تعالى التوفيق والعصمة بأن يخلق قدرة الطاعة في العبد.
فائدة: قال السهيلي لما جاء البشير إلى يعقوب عليه الصلاة والسلام أعطاه في البشارة كلمات كان يرويها عن أبيه عن جده عليهم الصلاة والسلام: وهي يا لطيفا فوق كل لطيف الطف بي في أموري كلها كما أحب ورضني في دنياي وآخرتي وقوله (خبير) من أسمائه تعلى أيضا بالاجماع أي هو عالم بعباده وبأفعالهم وأقوالهم وبمواضع حوائجهم وما تخفيه صدورهم. وإذ قد أنهينا الكلام بحمد الله تعالى على ما قصدناه من ألفاظ الخطبة فنذكر طرفا من محاسن هذا الكتاب قبل الشروع في المقصود فنقول:
إن الله تعالى قد علم من مؤلفه خلوص نيته في تصنيفه فعم النفع به فقل من متعلم إلا ويقرؤه أولا إما بحفظ وإما بمطالعة وقد أعني بشرحه كثير من العلماء ففي ذلك دلالة على أنه كان من العلماء العاملين القاصدين بعلمهم وجه الله تعالى جعل الله تعالى قراه الجنة وجعله في أعلى عليين مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وفعل ذلك بنا وبوالدينا ومشايخنا ومحبينا ولا حول قوة إلا بالله العلي العظيم. ولما كانت الصلاة أفضل العبادات بعد الايمان