كذب النسابون أي بعده. ولد الشافعي رضى الله تعالى عنه على الأصح بغزة التي توفى فيها هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم وقيل بعسقلان وقيل بمعنى سنة خمسين ومائة ثم حمل إلى مكة وهو ابن سنتين ونشأ بها وحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين والموطأ وهو ابن عشر وتفقه على مسلم بن خالد مفتى مكة المعروف بالزنجي لشدة شقرته من باب أسماء الأضداد وأذن له له في الافتاء وهو ابن خمس عشرة سنة مع أنه نشأ يتيما في حجر أمه في قلة من العيش وضيق حال وكان في صباه يجالس العلماء ويكتب ما يستفيده في العظام ونحوها حتى ملا منها خبايا ثم رحل إلى مالك بالمدينة ولازمه مدة ثم قدم بغداد سنة خمس وتسعين ومائة فأقام بها سنتين فاجتمع عليه علماؤها ورجع كثير منهم عن مذاهب كانوا عليها إلى مذهبه وصنف بها كتابه القديم ثم عاد إلى مكة فأقام بها مدة ثم عاد إلى بغداد سنة ثمان وتسعين ومائة فأقام بها شهرا ثم خرج إلى مصر ولم يزل بها ناشرا للعلم ملازما للاشتغال بجامعها العتيق إلى أن أصابته ضربة شديدة فمرض بسببها أياما على ما قيل ثم انتقل إلى رحمة الله تعالى وهو قطب الوجود يوم الجمعة سلخ رجب سنة أربع ومائتين ودفن بالقرافة بعد العصر من يومه وانتشر علهم في جميع الآفاق وتقدم على الأئمة في الخلاف والوفاق وعليه حمل الحديث المشهور " عالم قريش يملا طباق الأرض علما " ومن كلامه رضى الله تعالى عنه:
أمت مطامعي فأرحت نفسي * فإن النفس ما طمعت تهون:
وأحييت القنوع وكان ميتا * ففي إحيائه عرضى مصون إذا طمع يحل بقلب عبد * علته مهانة وعلاه هون وله أيضا رضى الله تعالى عنه ما حك جلدك مثل ظفرك * فتول أنت جميع أمرك وإذا قصدت لحاجة * فاقصد لمعترف بقدرك وقد أفرد بعض أصحابه في فضله وكرمه ونسبه وأشعاره كتبا مشهورة وفيما ذكرته تذكرته لأولي الألباب ولولا خوف الملل لشحنت كتابي هذا منها بأبواب وذكرت في شرح المنهاج وغيره ما فيه الكفاية ويكون ذلك المختصر (في غاية الاختصار) أي بالنسبة إلى أطول منه وغاية الشئ معناها