أو أخرج منه الطحلب أو الزرنيخ ودق ناعما وألقي فيه فغيره فإنه يضر، أو تغير بالثمار الساقطة فيه، لامكان التحرز عنها غالبا. (حقيقة الفرق بين المخالط والمجاور) واحترز بقيد المخالط عن المجاور الطاهر كعود ودهن ولو مطيبين وكافور صلب فلا يضر التغير به لامكان فصله وبقاء اسم الاطلاق عليه. وكذا لا يضر التغير بتراب ولو مستعملا طرح لأن تغيره مجرد كدورة فلا يمنع إطلاق اسم الماء عليه، نعم إن تغير حتى صار لا يسمى إلا طينا رطبا ضر، وما تقرر في التراب المستعمل هو المعتمد وإن خالف فيه بعض المتأخرين. (القول في أقسام الماء المتنجس) (و) رابعها:
(ماء نجس) أي متنجس (وهو الذي حلت فيه) أو لاقته (نجاسة) تدرك بالبصر (وهو) قليل (دون القلتين) بثلاثة أرطال فأكثر سواء تغير أم لا، لمفهوم حديث القلتين الآتي ولخبر مسلم:
إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الاناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده نهاه عن الغمس خشية النجاسة، ومعلوم أنها إذا خفيت لا تغير الماء فلولا أنها تنجسه بوصولها لم ينهه. (لا يتنجس الكثير إلا بالتغيير بالنجاسة) (أو كان كثيرا) بأن بلغ قلتين فأكثر (فتغير) بسبب النجاسة لخروجه عن الطاهرية، ولو كان التغير يسيرا حسيا أو تقديريا، فهو نجس بالاجماع المخصص لخبر القلتين الآتي ولخبر الترمذي وغيره: الماء لا ينجسه شئ كما خصصه مفهوم خبر القلتين الآتي، فالتغير الحسي ظاهر. (حقيقة التغيير التقديري) والتقديري بأن وقعت فيه نجاسة مائعة توافقه في الصفات، كبول انقطعت رائحته ولو فرض مخالفا له في أغلظ الصفات، كلون الحبر وطعم الخل وريح المسك لغيره، فإنه يحكم بنجاسته فإن لم يتغير فطهور لقوله (ص):
إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث قال الحاكم: على شرط الشيخين. وفي رواية لأبي داود وغيره بإسناد صحيح: فإنه لا ينجس وهو المراد بقوله: لم يحمل الخبث أي يدفع النجس ولا يقبله وفارق كثير الماء كثير غيره فإنه ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة بأن كثيره قوي ويشق حفظه عن النجس بخلاف غيره وإن كثر.
تنبيهان: الأول: لو شك في كونه قلتين ووقعت فيه نجاسة هل ينجس أو لا ينجس؟ رأيان أصحهما الثاني، بل قال النووي في شرح المهذب: الصواب أنه لا ينجس إذ الأصل الطهارة، وشككنا في نجاسة منجسة ولا يلزم من حصول النجاسة التنجيس. الثاني: لو تغير بعض الماء فالمتغير كنجاسة جامدة لا يجب التباعد عنها بقلتين والباقي إن قل فنجس وإلا فطاهر، فلو غرف دلوا من ماء قلتين فقط وفيه نجاسة جامدة لم تغيره ولم يغرفها مع الماء فباطن الدلو طاهر لانفصال ما فيه عن الباقي قبل أن ينقص عن قلتين لا ظاهرها لتنجسه بالباقي المتنجس بالنجاسة لقلته، فإن دخلت مع الماء أو قبله في الدلو انعكس الحكم.