العزيز وعملا " كل أمر ذي بال " أي حال يهتم به شرعا " لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع " أي ناقص غير تام فيكون قليل البركة. وفى رواية رواها أبو داود بالحمد لله وجمع المصنف رحمه الله تعالى كغيره بين الابتداءين عملا بالروايتين وإشارة إلى أنه لا تعارض بينهما إذ الابتداء حقيقي وإضافي فالحقيقي حصل بالبسملة والإضافي بالحمدلة أو أن الابتداء ليس حقيقيا بل هو أمر عرفي يمتد من الاخذ في التأليف إلى الشروع في المقصود فالكتب المصنفة مبدؤها الخطبة بتمامها والحمد اللفظي لغة الثناء باللسان على الجميل الاختياري على جهة التبجيل: أي التعظيم سواء تعلق بالفضائل وهي النعم القاصرة أم بالفواضل وهي النعم المتعدية فدخل في الثناء الحمد وغيره وخرج باللسان الثناء بغيره كالحمد النفسي وبالجميل الثناء باللسان على غير جميل إن قلنا برأي ابن عبد السلام إن الثناء حقيقة في الخير والشر، وإن قلنا برأي الجمهور وهو الظاهر إنه حقيقة في الخير فقط ففائدة ذلك تحقيق الماهية أو دفع توهم إرادة الجمع بين الحقيقة والمجاز عند من يجوزه وبالاختياري المدح فإنه يعم الاختياري وغيره تقول مدحت اللؤلؤة على حسنها دون حمدتها وبعلى جهة التبجيل ما كان على جهة الاستهزاء والسخرية نحو - ذق إنك أنت العزيز الكريم - وعرفا فعل ينبئ عن تعظيم المنعم من حيث إنه منعم على الحامد أو غيره سواء كان ذكرا باللسان أم اعتقاده ومحبة بالجنان أم عملا وخدمة بالأركان كما قيل:
أفادتكم النعماء منى ثلاثة * * يدي ولساني والضمير المحجبا