به ولا يدعان إلا في وقت الطهارة والصلاة والاكل ونحوها، وتقع هذه الأحوال مستثناة، كما في الإجارة، ولو أطلقا ولم يبينا وظيفة كل يوم، فكذلك الحكم، ولا يتركان الرمي إلا بالتراضي أو لعارض، كمرض وريح ومطر ونحوها، والحر ليس بعذر، وكذا الريح الخفيفة، وإذا غربت الشمس قبل فراغ وظيفة اليوم، لم يرميا بالليل للعادة إلا أن يشرط له وحينئذ يحتاجان إلى مشمعة ونحوها، وقد يكفي ضوء القمر كذا قاله الأصحاب.
ومنها: أنه يشترط رميهما مرتبا، لأنهما لو رميا معا، اشتبه المصيب بالمخطئ، فإن ذكرا في العقد من يبدأ بالرمي، اتبع الشرط، وإن أطلقا، فقولان، أظهرهما: بطلان العقد، والثاني: صحته، وكيف يمضي؟ وجهان، ويقال: قولان، أحدهما: ينزل على عادة الرماة وهي تفويض الامر إلى المسبق بكسر الباء وهو مخرج السبق، فإن أخرجه أحدهما، فهو أولى، وإن أخرجه غيرهما، قدم من شاء، وإن أخرجاه، أقرع، والثاني: يقرع بكل حال، وقال القفال: القولان في الأصل مبنيان على أنا نتبع القياس أم عادة الرماة؟ ويجري مثل هذين القولين في صور من السبق والرمي، وهما متعلقان بالخلاف في أن سبيل هذا العقد سبيل الإجارة أم الجعالة، إن قلنا بالأول، اتبعنا القياس، وإن قلنا بالثاني، اتبعنا العادات، وقيل: في المسألة طريقان آخرا، أحدهما: القطع بالفساد، والثاني: بالقرعة، ثم إذا شرط تقديم واحد، أو اعتمدنا القرعة فخرجت لواحد، فهل يقدم في كل رشق، أم في الرشق الأول فقط؟ حكى الامام فيه وجهين قال:
ولو صرحوا بتقديم من قدموه في كل رشق، أو أخرجا القرعة للتقديم في كل رشق، اتبع الشرط وما أخرجته القرعة، ولك أن تقول: إذا ابتدأ المقدم في النوبة الأولى، فينبغي أن يبتدئ الثاني في الثانية بلا قرعة، ثم يبتدئ الأولى في الثالثة، ثم الثاني وهذا لأمرين، أحدهما: أنهم نقلوا عن نصه في الام أنه لو شرط كون الابتداء لأحدهما أبدا، لم يجز، لأن المناضلة مبنية على التساوي، والثاني: أنه يستحب كون الرمي بين غرضين متقابلين يرمي المتناضلان، أو الجريان من عند أحدهما إلى الآخر، ثم يأتيان الثاني، ويلتقطان السهام، ويرميان إلى الأول، ثم نص الشافعي والأصحاب رحمهم الله أنه إذا بدأ أحدهما بالشرط، أو بالقرعة، أو بإخراج المال، ثم انتهيا إلى الغرض الثاني، بدأ الثاني في النوبة الثانية، وإن كان الغرض واحدا