على الجاني في النفس، الخلاف المذكور في الخياطة، ولو جرح عضوا، فداواه المجروح فتأكل العضو، فسقط، فإن كان ما داواه به لا يورث التآكل، فعلى الجارح ضمان العضو، وإن كان يورث التآكل فليس عليه إلا أرش الجراحة، فلو قال الجاني: داويت بما يحدث منه التآكل، وأنكر المجني عليه، صدق المجني عليه بيمينه، لأن الجناية معلومة، وغيرها من الأسباب غير معلوم، قال البغوي:
ويحتمل أن يقال: المصدق الجاني بيمينه، لأن الأصل براءته، ولو قطع يد إنسان ومات المقطوع، فقال الوارث: مات بالسراية، وقال الجاني: بل قتل نفسه، فأيهما المصدق بيمينه؟ وجهان، أصحهما: الوارث، وهو نصه في الام.
فرع ضرب جماعة رجلا بسياط، أو عصى خفيفة حتى قتلوه، نظر، إن كانت ضربات كل واحد منهم قاتلة لو انفردت، فعليهم القصاص، وإن آل الامر إلى الدية، فهل توزع عليهم على عدد الضربات، أم على عدد الرؤوس؟ قولان، أرجحهما الأول، لأن الضربات تلاقي ظاهر البدن، فلا يعظم فيها التفاوت بخلاف الجراحات، وإن لم يكن ضرب كل واحد قاتلا، بأن ضربه كل واحد من العدد الكثير ضربة، فمات، فثلاثة أوجه، أحدها: لا قصاص على واحد، والثاني:
يجب على الجميع القصاص، لئلا يصير ذريعة إلى القتل، وأصحها: أنهم إن تواطؤوا على أن يضربوه تلك الضربات، فعليهم القصاص، وإن وقعت اتفاقا، فلا، وإذا لم نوجب القصاص، وجبت الدية قطعا، كذا قاله الامام، وذكر البغوي أنه لو ضربه واحد سوطين، أو ثلاثة، وآخر خمسين سوطا، أو مائة قبل زوال ألم الأول، ولا تواطؤ، فلا قصاص على واحد منهما، لأن ضرب الأول شبه عمد، والثاني شريك له، ويجب بضرب الأول نصف دية شبه العمد، وبضرب الثاني نصف دية العمد، وأنه لو ضربه واحد خمسين، ثم ضربه الآخر سوطين قبل زوال ألم الأول، فإن كان الثاني عالما بضرب الأول، فعليهما القصاص لظهور قصد