يقل الشاهدان: ارتد، بل قالا: تلفظ بكلمة الكفر، فقال: صدقا، ولكنني كنت مكرها، قال الشيخ أبو محمد وتابعوه عليه: يقبل قوله، لأنه ليس فيه تكذيب الشاهد بخلاف ما إذا شهد بالردة، فإن الاكراه ينافي الردة ولا ينافي التلفظ بكلمتها، قال الشيخ: والجزم أن يجدد كلمة الاسلام، فلو قتل قبل التجديد، فهل يكون قتله مضمونا، لأن الردة لم لم تثبت أم لا، لأن لفظ الردة وجد والأصل الاختيار؟ فيه قولان قال الامام: والقولان إذا لم يدع الاكراه، أو لم يحلف عليه، فأما إذا ادعاه وحلف عليه، فقد ثبت الاكراه بالحجة، فنقطع بأنه مضمون، وفيما ذكرناه دلالة بينة على أنهما لو شهدا بردة الأسير، ولم يدع إكراها، حكم بردته، ويؤيده ما حكي عن القفال، أنه لو ارتد أسير مع الكفار، ثم أحاط بهم المسلمون، فاطلع من الحصن وقال: أنا مسلم وإنما تشبهت بهم خوفا، قبل قوله وحكم بإسلامه، وإن لم يدع ذلك حتى مات، فالظاهر أنه ارتد طائعا، وإن مات أسيرا، وعن نص الشافعي رحمه الله أنهما لو شهدا بتلفظ رجل بالكفر وهو محبوس أو مقيد، لم يحكم بكفره، وإن لم يتعرض الشاهدان للاكراه، وفي التهذيب أن من دخل دار الحرب وكان يسجد للصنم، ويتكلم بالكفر، ثم قال: كنت مكرها، فإن فعله في مكان خال، لم يقبل قوله كما لو فعله في دار الاسلام، وإن فعله بين أيديهم، قبل قوله إن كان أسيرا، وإن كان تاجرا، فلا.
فرع مات معروف بالاسلام عن ابنين مسلمين، فقال أحدهما: مات مسلما، وقال الآخر: كفر بعد إسلامه ومات كافرا، فإن بين سببه، فقال: سجد لصنم، أو تكلم بكلام كفر به، فلا إرث له، ويصرف نصيبه إلى بيت المال، وإن أطلق، فثلاثة أقوال، أحدها: يصرف إليه نصيبه ولا أثر لاقراره، لأنه قد يتوهم ما ليس بكفر كفرا، والثاني: يجعل فيئا، والثالث وهو الأظهر: يستفصل، فإن ذكر ما هو كفر، كان فيئا، وإن ذكر ما ليس بكفر، صرف إليه، ولو قال: مات كافرا، لأنه كان يشرب الخمر ويأكل الخنزير، فهل يرثه؟ قولان، أظهرهما: نعم.
فرع تلفظ أسير بكلمة كفر مكرها، لا يحكم بكفره، فإن مات هناك، مات مسلما وورثه ورثته المسلمون، فإن رجع إلى دار الاسلام، عرض عليه الدين لاحتمال أنه كان مختارا فيما أتى به، وهنا ثلاثة أشياء، أحدها: أطلق الجمهور