قاتل أبي فلم يكن، فإن لم نوجب القصاص، وجبت الدية علي الأصح، لأنه لم يبذلها مجانا ويبقى قصاص اليمين على المذهب، ويجئ فيه الخلاف السابق.
الحال الثالث: أن يقول المخرج: دهشت فأخرجت اليسار، وظني أني أخرج اليمين، فيسأل المقتص عن قصده في قطعه اليسار، وله في جوابه صيغ، إحداها:
أن يقول: ظننت أن المخرج قصد الإباحة، فقياس مثله في الحال الثاني أن لا يجب القصاص في اليسار، والذي ذكره البغوي أنه يجب القصاص كمن قتل رجلا وقال:
ظننت أنه أذن لي في القتل، وهذا يوافق الاحتمال المذكور هناك وهو المتوجه في الموضعين. الثانية: أن يقول: علمت أنها اليسار وأنها لا تجزئ، قال الأصحاب: لا قصاص فيه، وفيه احتمال للامام. الرابعة: أن يقول: ظننتها اليمين، فلا قصاص على المذهب، وفي جميع هذه الصيغ يبقى قصاص اليمين إلا إذا قال: ظننت أن اليسار تجزئ، فإن الأصح سقوطه، وإذا سقط القصاص من الطرفين، فلكل واحد منهما الدية على الآخر، ولو قال القاطع: دهشت فلم أدر ما قطعت، قال الامام: لا يقبل منه ويلزمه القصاص في اليسار، لأن الدهشة لا تليق بحال القاطع، وفي كتب الأصحاب لا سيما العراقيين، أن المخرج لو قال: لم أسمع من المقتص: أخرج يمينك، وإنما وقع في سمعي: أخرج يسارك، فأخرجتها، فالحكم فيه كقوله: دهشت، فأخرجت وأنا أظنها اليمين.
فرع جميع ما ذكرناه في القصاص، فأما إذا وجب قطع يمينه في السرقة، فقال الجلاد للسارق: أخرج يمينك، فأخرج يساره، فقطعها، فقولان، أحدهما ويقال: إنه قديم، ويقال: مخرج: إن الحكم كما ذكرنا في القصاص، والثاني وهو المشهور: أنه يقع قطع اليسار عن الحد، فيسقط قطع اليمين، لأن المقصود التنكيل وقد حصل، ولان الحد مبني على التخفيف، واستدرك القاضي حسين، فحمل ما أطلقه الأصحاب على الحالين الأخيرين من الأحوال الثلاثة، وقال في الحال الأول وهو الاخراج بقصد الإباحة: ينبغي أن لا يسقط قطع اليمين، كما لو قطع السارق يسار نفسه، أو قطعها غيره بعد وجوب قطع اليمين.
فرع لو كان المقتص منه مجنونا، فهو كما لو أخرج اليسار مدهوشا، ولا يتحقق منه البدل، ولو كان المقتص منه عاقلا، والمستحق مجنونا، فقطع يمين المقتص منه مكرها له، فهل يكون مستوفيا لحقه؟ فيه خلاف سبق، فإن قلنا: لا