الجهاد في تلك الناحية، فإذا تأتى الجهاد بغير تعرض لمن أمن، نفذ الأمان، لان الجهاد شعار الدين والدعوة القهرية، وهو من أعظم مكاسب المسلمين، ولا يجوز أن يظهر بأمان الآحاد انسداده أو نقصان يحس، قال الامام: ولو أمن مائة ألف من الكفار، فكل واحد لم يؤمن إلا واحدا، لكن إذا ظهر انسداد أو نقصان، فأمان الجميع مردود، ولك أن تقول: إن أمنوهم معا فرد الجميع ظاهر، وإن أمنوهم متعاقبين، فينبغي أن يصح أمان الأول فالأول إلى ظهور الخلل، على أن الروياني ذكر أنه لو أمن كل واحد واحدا، جاز، وإن كثروا حتى زادوا على عدد أهل البلدة.
قلت: المختار أنه يصح أمان المتعاقبين إلى أن يظهر الخلل، وهو مراد الامام. والله أعلم.
وسواء كان الكافر المؤمن في دار الحرب، أو في حال القتال أو الهزيمة، أو عند مضيق، بل يصح الأمان ما دام الكافر ممتنعا، فأما بعد الأسر، فلا يجوز للآحاد أمانه ولا المن عليه، ولو قال واحد من المسلمين: كنت أمنته قبل هذا، لم يقبل بخلاف ما لو أقر بأمان من يجوز أمانه في الحال، فإنه يصح، ولو قال جماعة: كنا أمناه، لم يقبل أيضا لأنهم يشهدون على فعلهم، ولو قال واحد: كنت أمنته، وشهد به اثنان، قبلت شهادتهما.
فرع في جواز عقد المرأة استقلالا وجهان.
الثانية: يصح الأمان من كل مسلم مكلف مختار، فيصح أمان العبد المسلم وإن كان سيده كافرا، والمرأة والخنثى، والفقير والمفلس، والمحجور عليه بسفه، والمريض والشيخ الهرم، والفاسق وفي الفاسق وجه ضعيف، ولا يصح أمان كافر وصبي ومجنون ومكره، وفي الصبي المميز وجه كتدبيره.
الثالثة: ينعقد الأمان بكل لفظ يفيد الغرض، صريح أو كناية، فالصريح:
أجرتك، أو أنت مجار، أو أمنتك، أو أنت آمن، أو في أماني، أو لا بأس عليك، أو لا خوف عليك، أو لا تخف، أو لا تفزع، أو قال بالعجمية: مترس، وقال