نظر، إن وجدا معا، فهما قاتلان، سواء كانا مذففين بأن حز أحدهما رقبته، وقده الآخر نصفين، أو لم يكونا، بأن أجاف كل منهما، أو قطعا عضوين، ومات منهما، وإن كان أحدهما مذففا دون الآخر، فقياس ما سنذكره إن شاء الله تعالى أن يكون المذفف هو القاتل، وإن طرأ فعل أحدهما على الآخر فله حالان.
أحدهما: أن يوجد فعل الثاني بعد انتهاء المجني عليه إلى حركة المذبوح، إما عقب الفعل الأول لكونه مذففا، وإما لسرايته وتأثيره، فالقاتل هو الأول، ولا شئ على الثاني سوى التعزير، لأنه هتك حرمة ميت، فعزر، كما لو قطع عضو ميت، والمراد بحركة المذبوح الحالة التي لا يبقى معها الابصار والادراك، والنطق والحركة الاختياريان، وقد يقد الشخص، وتترك أحشاؤه في النصف الأعلى فيتحرك ويتكلم بكلمات لكنها لا تنتظم، وإن انتظمت، فليست صادرة عن روية واختيار، والحالة المذكورة وهي التي تسمى حالة اليأس، لا يصح فيها الاسلام، ولا شئ من التصرفات، ويصير فيها المال للورثة، ولو مات قريب لمن انتهى إليها، لم يورث منه، ولو أسلم كافر، أو عتق رقيق فيها، لم يزاحم سائر الورثة، وكما لا يصح فيها الاسلام، لا تصح فيها الردة، هذا هو الصحيح، وبه قطع الأصحاب، وفي كتاب ابن كج: أنها تصح، لأن الكافر يوقن حينئذ، فإعراض المسلم قبيح، وهذا ليس بشئ، ومن قطع حلقومه ومريه، أو أبينت حشوته من جوفه، فقد انتهى إلى حركة المذبوح، ولو أصاب الحشوة حرق، أو قطع، وتيقن موته بعد يوم أو يومين، وجب القصاص على قاتله في ذلك الحال.
الحال الثاني: أن يوجد فعل الثاني قبل انتهائه إلى حركة المذبوح، فينظر، إن كان الثاني مذففا بأن جرحه الأول، وحز الثاني رقبته، أو قده، فالقاتل هو الثاني، وأما الأول فليس عليه إلا القصاص في العضو المقطوع، أو المال على ما