الصبي لم يجز العدول إلى الاطعام، وإلا فيجوز كالمجنون، ولو أعتق الولي من مال نفسه عنهما، أو أطعم، قال البغوي: إن كان أبا أو جدا، جاز، وكأنه ملكهما، ثم ناب عنهما في الاعتاق والاطعام، وإن كان وصيا أو قيما، لم يجز، حتى يقبل القاضي لهما التمليك، ولا كفارة على حربي، لأنه غير ملتزم، وهل تجب على من قتل نفسه؟ وجهان، أصحهما: نعم، لأنه قتل محرم، فتخرج من تركته، ويجري الخلاف فيمن حفر بئرا عدوانا فهلك بها رجل بعد موته، ووجه المنع أن في الكفارة معنى العبادة، فيبعد وجوبها على ميت ابتداء، ولو اشترك جماعة في قتل، فهل على كل واحد كفارة، أم على الجميع كفارة واحد؟ وجهان، أصحهما: الأول.
فصل شرط القتيل الذي تجب بقتله الكفارة أن يكون آدميا معصوما بإيمان أو أمان، فتجب على من قتل عاقلا أو مجنونا أو صبيا أو جنينا أو ذميا أو معاهدا أو عبدا، وعلى السيد في قتل عبده، ولا تجب بقتل حربي ومرتد، وقاطع طريق، وزان محصن، ولا بقتل نساء أهل الحرب وأولادهم وإن كان قتلهم محرما، لان تحريمه ليس لحرمتهم، بل لمصلحة المسلمين، لئلا يفوتهم الارتفاق بهم.
فرع إذا قتل مسلما في دار الحرب، وجبت الكفارة بكل حال، قال الله تعالى: * (وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة) * معناه عند الشافعي وغيره رحمهم الله: وإن كان من قوم عدوكم. وأما القصاص والدية، فإن ظنه القاتل كافرا، لكونه بزي الكفار، فلا قصاص، وفي الدية قولان، أظهرهما:
لا تجب، وإلا فإن عرف مكانه، فهو كما لو قتله في دار الاسلام، حتى إذا قصد قتله، يجب القصاص أو الدية المغلظة في ماله مع الكفارة، وإن لم يعرف مكانه، ورمى سهما إلى صف الكفار في دار الحرب، سواء علم في الدار مسلما أم لا، نظر، إن لم يعين شخصا أو عين كافرا فأخطأ، وأصاب مسلما، فلا قصاص ولا دية، وكذا لو قتله في بيات أو غارة ولم يعرفه، وإن عين شخصا فأصابه وكان مسلما، فلا قصاص، وفي الدية قولان، ويشبه أن يكونا هما القولين فيمن ظنه كافرا، ولو دخل الكفار دار الاسلام، فرمى إلى صفهم، فأصاب مسلما، فهو كما لو رمى إلى صفهم في دار الحرب.
وبالله التوفيق.