الثالث. والتقاط النثار جائز، لكن الأولى تركه، إلا إذا عرف أن الناثر لا يؤثر بعضهم على بعض، ولم يقدح الالتقاط في مروءته، ثم من التقط لم يؤخذ منه.
وهل يملكه؟ وجهان. أحدهما: لا، لأنه لم يوجد لفظ تمليك لمعين والثاني:
يملك اعتبارا بالعادة، والأئمة إلى هذا الوجه أميل، وهو مقتضى إطلاق أكثرهم.
فعلى الأول، للناثر الاسترجاع. قال ابن كج: له الاسترجاع ما لم يخرج الملتقط من الدار، وعليه الغرم إن أتلفه. وإن قلنا: يملك فهل يخرج عن ملك الناثر بالنثر، أم بأخذ الملتقط، أم بإتلافه؟ فيه أوجه.
قلت: الأصح أنه يملك بالأخذ كسائر المباحات. والله أعلم.
ومن وقع في حجره شئ من النثار، فإن بسطه لذلك، لم يؤخذ منه. فإن سقط منه بنفس الوقوع، لم يبطل حقه على الأصح، فيمنع غيره من أخذه. وإن لم يبسطه له، لم يملكه، لعدم القصد والفعل. فإن نفضه، فهو كما لو وقع على الأرض أولا، وإلا فهو أولى به من غيره، وليس لغيره أن يأخذه. فلو أخذه غيره، ففي ملكه وجهان جاريان، فيما لو عشش طائر في ملكه فأخذ فرخه غيره. وفيما إذا دخل السمك مع الماء حوضه، وفيما إذا وقع الثلج في ملكه فأخذه غيره، وفيما إذا أحيا ما يحجره غيره. لكن الأصح أن المحيي يملك. وفي هذه الصور ميلهم إلى المنع أكثر، لأن المتحجر غير مالك فليس الاحياء تصرفا في ملك غيره، بخلاف هذه الصورة ولو سقط من حجره قبل أن يقصد أخذه، أو قام فسقط، بطل اختصاصه،