أجبرت على الأصح عند الجمهور، منهم العراقيون، وبه قطع البغوي، لان الأشجار في يدها كسائر الأموال المشتركة. ورجح المتولي منع الاجبار، وأشار إلى ترجيحه الامام والغزالي، لأنها قد لا ترضى بيده ودخوله البستان. قال الامام: ولأنه لا بد من تنمية الثمار بالسقي، ولا يمكن تكليفها السقي، لأن نفعه غير مختص بالثمر، بل ينفع به الشجر أيضا، ولا يمكن تكليفها ترك السقي لتضرر الثمر والشجر. ولمن قال بالأول أن يقول: حكم السقي هنا حكمه فيما إذا اشترك اثنان في الشجر وانفرد أحدهما بالثمر في غير الصداق.
الثالثة: أرادت رجوعه في نصف الشجر وترك ثمرها إلى الجداد، فله الامتناع وطلب القيمة، لأن حقه في الشجر خالية، وليس لها تكليفه تأخير الرجوع إلى الجداد، لأن حقه ناجز في العين أو القيمة. ولو قال: أؤخر الرجوع إلى الجداد، فلها الامتناع لأن نصيبه يكون مضمونا عليها، كذا وجهوه، وهو تفريع على أن النصف الراجع إليه يكون مضمونا عليها، وفيه خلاف سبق. ولو قال: أرجع ويكون نصيبي وديعة عندك وقد أبرأتك عن ضمانه، فوجهان لهما التفات إلى إبراء الغاصب مع بقاء المغصوب في يده. وزاد من نظر إلى السقي، فقال:
ليس لها أن تقول: ارجع واسق، لأن فائدة السقي تعود إلى نصيبها من الشجر وإلى الثمار وهي خالصة لها، ولا أن تقول: ارجع ولا تسق، لأنه يتضرر. ولو قالت:
ارجع وأنا لا أسقي وإليك الخيرة في السقي وتركه، أو قال: ارجع ولا أسقي ولك الخيار في السقي وتركه، لم يلزم الآخر الإجابة، لأنه إن ترك السقي تضرر، وإن سقى اختص بالمؤنة دون الفائدة. ولو قال الزوج: ارجع إلى النصف واسق والتزم المؤنة، أو قالت: ارجع وأنا أسقي، فهل يلزم الآخر الإجابة؟ وجهان.
أصحهما: المنع، لا نوعد وقد لا يفي به. فإن قلنا بالإجابة، فبدا للملتزم وامتنع، تبينا أن الملك لم يرجع إلى الزوج، وكأنه موقوف على الوفاء بالوعد، وألحقوا بهذه الصورة ما إذا أصدقها جارية فولدت في يدها ولدا مملوكا ثم طلقها قبل الدخول، فقال: ارجع إلى نصف الجارية وأرضى أن ترضع الولد، ففيه