أسلم الصداق حتى تسلمي نفسك، وقالت: لا أسلمها حتى تسلمه، فثلاثة أقوال.
أظهرها: يجبران، بأن يؤمر بوضع الصداق عند عدل، وتؤمر بالتمكين. فإذا مكنت، سلم العدل الصداق إليها. والثاني: لا يجبر واحد منهما، بل إن بادر أحدهما فسلم، أجبر الآخر. والثالث: يجبر الزوج أولا، فإذا سلم، سلمت. وذهبت طائفة كبيرة إلى إنكار هذا القول الثالث. ومن أثبته قال: موضعه ما إذا كانت متهيئة للاستمتاع. أما إذا كانت ممنوعة بحبس أو مرض، فلا يلزم تسليم الصداق. وإن كانت صغيرة لا تصلح للجماع، فهل يلزمه التسليم؟ قولان. ولو سلمت مثل هذه الصغيرة إلى زوجها، هل عليه تسليم المهر؟ قولان كالنفقة.
أظهرهما: المنع. وقيل بالمنع قطعا، لأن النفقة للحبس عليه وهو موجود، والمهر للاستمتاع وهو متعذر. وقيل بالايجاب قطعا، لأن المهر في مقابلة بضع وهو مملوك في الحال، والنفقة للتمكين وهو مفقود. ويجري الخلاف في مطالبة الولي لو كان الزوج صغيرا، وإن كان الزوج صغيرا وهي كبيرة، فالأظهر أن لها طلب المهر كالنفقة. وإذا قلنا: يبدأ بالزوج أو يجبران، فقالت: سلم المهر لأسلم نفسي، لزمه النفقة من حينئذ. وإن قلنا: لا يجبر واحد منهما، فلا نفقة لها حتى تمكن.
فرع إذا بادرت فمكنت، فلها طلب الصداق على الأقوال كلها، ثم إن لم يجر وطئ، فلها العود إلى الامتناع، ويكون الحكم كما قبل التمكين. وإن وطئ، فليس لها بعده الامتناع على الصحيح، كما لو تبرع البائع فسلم المبيع قبل قبض الثمن، فليس له أخذه وحبسه.
ولو وطئها مكرهة، فلها الامتناع بعده على الأصح. ويجري الوجهان، فيما