يحلف، فحلف، سقطت دعواها. وإن نكل، فحلفت، فهل اليمين المردود مع النكول كالبينة؟ أم كالاقرار؟ قولان مشهوران. إن قلنا: كالبينة، فوجهان.
أحدهما: يثبت نكاح الثانية دون الأولى، كما لو أقامت بينة. قال الامام: وهذا القائل يقول: ينتفي نكاح الأولى، ويحكم بانقطاع نكاح الثانية لانكار الزوج.
وأصحهما: استمرار نكاح الأولى، لأن اليمين المردودة إنما تجعل كالبينة في حق المدعي والمدعى عليه، لا في حق غيرهما. وقد ثبت نكاح الأولى بتقارهما. وإن قلنا: كالاقرار، فوجهان. أحدهما: يبطل النكاحان والصحيح استمرار نكاح الأولى، كما لو أقر للأولى ثم أقر للثانية. وعلى هذا، فهل تستحق الثانية نصف المهر، أم لا تستحق شيئا؟ قولان. أظهرهما: الأول.
الحال الثاني: تقول كل واحدة: لست بالمزوجة، بل صاحبتي، فيقال للزوج: عين، فإذا عين، فقد أقر بأن الأخرى ليست زوجة له، فلا خصومة له معها، والقول قول الأخرى مع يمينها. فإن لم تحلف، حلف الزوج وثبت النكاح.
وقيل: القول قول الزوج بيمينه لأن إحداهما زوجة، وهو أعلم بمحل حقه.
والصحيح الأول.
واعلم أن المسألة من فروع ابن الحداد، وأنه قيدها فقال: إذا مات الأب، وكذا قيدها الغزالي. قال الشيخ أبو علي: هذا القيد فائدة فيه في الحالة الأولى، لأنه لو كان حيا وعين إحداهما، لم يقبل قوله على الزوج، لكنه مفيد في الحالة الثانية، لأنه إذا كان الأب حيا وهي مجبرة، راجعناه. فإن أقر بالنكاح على إحداهما، قبل قوله، ولا يضر الزوج إنكارها. قال الامام: ويظهر في القياس أن لا يقبل إقرارها ومعها مجبر حذرا من اختلاف الاقرارين، وإذا قبلنا إقرارها فاختلف إقرارها وإقرار الولي، فيجوز أن يقال: الحكم للسابق، ويجوز أن يقال: يبطلان جميعا، وقد ذكرنا وجهين في هذه المسألة في آخر الباب الثالث عن القفال الشاشي والأودني، أن المقبول إقراره أم إقرارها؟ فحصل أربعة احتمالات. ولو زوج بنته من أحد ابني رجل، وادعت هي على أحدهما أنه الزوج، فإن جردت دعوى النكاح، فعلى ما سبق، وإن ادعت المهر، حلفته. فإن نكل، حلفت وأخذت نصف المهر، وإن ادعى كل واحد مهما أنها امرأته، فأقرت لأحدهما، ثبت نكاحه، وهل للآخر تحليفها؟ قولان على ما ذكرنا فيمن زوجها وليان بشخصين.