والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم " فعذر الله المستضعفين الذين يمتنعون من ترك ما أمر الله به، والمكره لا يكون الا مستضعفا غير ممتنع من فعل ما أمر به، قاله البخاري، فلما سمح الله عز وجل بالكفر به لمن أكره وهو أصل الشريعة ولم يؤاخذ به حمل عليه أهل العلم فروع الشريعة كلها، فإذا وقع الاكراه عليها لم يؤاخذ به ولم يترتب عليه حكم، وبه جاء الأثر المشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ويقول القاضي ابن العربي: والخبر وان لم يصح سنده فان معناه صحيح باتفاق من العلماء، وذكر أبو محمد عبد الحق أن اسناده صحيح قال:
وقد ذكره أبو بكر الأصيلي في الفوائد وابن المنذر في الاقناع.
إذا ثبت هذا: فإن يمين المكره غير لازمة عند مالك والشافعي وأبي ثور وأكثر العلماء قال ابن الماجشون وسواء حلف فيما هو طاعة لله أو فيما هو معصية إذا أكره على اليمين، وقال أصبغ: بقوله، وقال مطرف: ان أكره على اليمين فيما هو لله معصية أو ليس في فعله طاعة ولا معصية فاليمين فيه ساقطة، وأن أكره على اليمين فيما هو طاعة مثل أن يأخذ الوالي رجلا فاسقا فيكرهه أن يحلف بالطلاق لا يشرب الخمر أو لا يفسق أولا يغش في عمله أو الوالد يحلف ولده تأديبا له فإن اليمين تلزم، وإن كان المكره قد أخطأ فيما يكلف من ذلك، وقال بهذا ابن حبيب وقال أبو حنيفة ومن أتبعه من الكوفيين انه ان حلف ألا يفعل ففعل حنث، قالوا لان المكره له أن يوري في يمينه كلها فلما لم يور ولا ذهبت نيته إلى خلاف ما أكره عليه فقد قصد إلى اليمين.
قال القاضي أبو بكر بن العربي. ومن غريب الامر أن علماء - يعني علماء المالكية - اختلفوا في الاكراه على الحنث هل يقع به أم لا؟ وهذه مسألة عراقية سرت لنا منهم، لا كانت هذه المسألة ولا كانوا، وأي فرق يا معاشر أصحابنا بين الاكراه على اليمين في أنها لا تلزم وبين الحنث في أنه لا يقع: فاتقوا الله وراجعوا بصائركم ولا تغتروا بهذه الرواية فإنها وصمة في الدراية اه.