هذا كلامهم وهو ظاهر الخطأ، لان المرء قد يموت أبواه أو ينفصل عنهما ولما يتزوج بعد ثم يسكن أنى شاء وحده، وحكى عن مالك أنه اعتبر نقل عياله دون ماله، والأولى إن شاء الله أنه إذا انتقل إلى مسكن آخر لا يحنث وإن بقي متاعه في الدار، لان مسكنه حيث حل هو، وضع في المسكن الذي نزل فيه ما يتأثث به أو لم يضع، ما دام قد تحقق حلوله فيه من إجارة أو تملك أو اتهاب (فرع) وإن أكره على المقام لم يحث، وكذلك إن كان في جوف الليل في وقت لا يجد فيه منزلا يتحول إليه، أو يحول بينه وبين المنزل أبواب مغلقة لا يمكن فتحها أو خوف على نفسه أو أهله أو ماله فأقام في طلب النقلة أو انتظارا لزوال المانع منها لم يحنث: وإن خرج طالبا للنقلة فتعذرت عليه إما لكونه لم يجد مسكنا يتحول إليه لتعذر الكراء واكتظاظ المساكن بأهلها ونذرة الخالي منها أو يوجد في مقابل مبلغ كبير لا يطيقه ولا يتيسر له أداؤه، أو لم يجد من يحمل أمتعته كسيارة أو دابة أو حمال ولا يمكنه النقلة بدونها فأقام حنث وعليه الكفارة وقال الحنابلة لم يحنث لان إقامته عن غير اختيار منه لعدم تمكنه من النقلة (فرع) فإن حلف لا يتزوج ولا يتطيب ولا يتطهر فاستدام ذلك لم يحنث في قولهم جميعا، لأنه لا يطلق على من استدامها اسم الفعل، فلا يقال تزوجت شهرا، ولا تطيبت شهرا، وإنما يقال منذ شهر، ولم ينزل الشارع استدامة التزويج والطيب منزلة ابتدائها في تحريمه في الاحرام وإيجاب الكفارة فيه (فرع) وان حلف لا يدخل دارا هو فيها فأقام فيها ففيه قولان أصحهما ما رواه حرملة أنه لا يحنث.
وعن أحمد روايتان، إحداهما يحنث. قال أحمد في رجل حلف على امرأته لا دخلت أنا وأنت هذه الدار وهما جميعا فيها، قال أخاف أن يكون حنث.
والثانية لا يحنث، ذكرها ابن قدامة عن القاضي واختارها أبو الخطاب.
وهو قول أصحاب الرأي، لان الدخول لا يستعمل في الاستدامة، ولهذا يقال دخلتها منذ شهر ولا يقال دخلتها شهرا فجزى مجرى التزويج، ولان الدخول الانفصال من خارج إلى داخل فلا يوجد هذا المعنى في الإقامة والمكث