وقال أصحاب أحمد شهد بالله تجرى مجرى أقسم بالله. وزعم ابن قسامة في المغنى أنه قول عامة الفقهاء، وقال لا نعلم فيه خلافا، وقال وسواء نوى اليمين أو أطلق لأنه لو قال أشهد ولم يذكر الفعل كان يمينا وإنما كان يمينا بتقدير الفعل قبله، وما قرره ابن قدامة من كونه قول عامة الفقهاء غير صحيح كما عرفت من مذهبنا من الفرق بين قوله أقسم بالله وقوله أشهد بالله (فرع) وإن قال أعزم بالله لأفعلن كذا وعنى به اليمين فهو يمين، لأنه لو قال بالله لأفعلن كذا احتمل أن يكون يمينا، فإذا قال قبل ذلك أعزم ثم ابتدأ اليمين بقوله بالله احتمل كونه. فإذا أراد بذلك اليمين انعقد يمينا. وان أراد به العزم بالله وعنى بمعونته وتأييده وقدرته وتوفيقه لم يكن يمينا وان أطلق لم يكن يمينا لأنه خلا من النية كما خلا منه العرف والاستعمال فلم يكن يمينا. وبه قال أحمد. فإذا تقرر هذا فإذا قال أشهد أو أقسم أو أعزم ويذكر اسم الله تعالى لم يكن يمينا. سواء نوى به اليمين أو لم ينو. لان اليمين لا تنعقد بغير الله تعالى وأسمائه وصفاته.
وقال ابن قدامة " وان قال أقسمت أو آليت أو حلفت أو شهدت لأفعلن ولم يذكر بالله. فعن أحمد روايتان (إحداهما) انها يمين. وسواء نوى اليمين أو أطلق. وروى نحو ذلك عن عمر وابن عباس والنخعي والثوري وأبي حنيفة وأصحابه. وعن أحمد ان نوى اليمين بالله كان يمينا والا فلا. وهو قول مالك وإسحاق. ابن المنذر لأنه يحتمل القسم بالله وبغيره فلم تكن يمينا حتى يصرفه بنيته إلى ما تجب به الكفارة ولنا انها ليست بيمين وان نوى. لأنها عريت عن اسم الله تعالى وصفته فلم تكن يمينا كما لو قال أقسمت بالبيت أو أقسمت بالكعبة. وروى هذا عن عطاء والحسن والزهري وقتادة وأبى عبيد. وما بقي من الفصول فعلى وجهها وقد مضى توضيحها في الفروع آنفا.
على أن الذي تفتقر إليه هذه الفصول هو بيان أحكام الحلف بالقرآن الكريم. فنقول ان الحلف بالقرآن أو بآية منه أو بكلام الله يمين منعقدة تجب الكفارة بالحنث فيها. وبهذا قال ابن مسعود والحسن وقتادة ومالك واحمد وأبو عبيد وعامة أهل العلم