وقال أحمد، الشعبي والنخعي قالا: دية المجوسي واليهودي كدية المسلم وان قتله يقتل به، هذا عجب: يصير اليهودي مثل المسلم؟ سبحان الله! ما هذا القول؟ واسبشعه.
ودليلنا على أصحاب الرأي ما روى أبو جحيفة قال، قلت لعلي رضي الله عنه يا أمير المؤمنين هل عندكم سوداء في بيضاء ليس في كتاب الله؟ قال لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما علمته، إلا فهما يعطيه الله رجالا للقرآن وما في هذه الصحيفة، قلت وما في هذه الصحيفة؟ قال فيها العقل وفكاك الأسير وألا يقتل مسلم بكافر.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده.
ومعنى قوله لا يقتل ذو عهد في عهده. أي لا يجوز قتل أهل الذمة، ولأنه مسلم قتل كافرا فلم يقتل به كالمستأمن.
(فرع) وإن قتل الكافر كافرا ثم أسلم القاتل، أو جرح الكافر كافرا فمات المجروح وأسلم الجارح قتل به. وقال الأوزاعي لا يقتل به. ودليلنا ما روى البيهقي من حديث عبد الرحمن بن اليلماني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل مسلما بمعاهد وقال أنا أكرم من وفي بذمته. وتأويله أنه قتله كافرا ثم أسلم، ولان القصاص حد والاعتبار بالحد حال الوجوب دون حال الاستيفاء، بدليل أنه لو زنى وهو بكر فلم يحد حتى أحصن، أو زنى وهو عبد فلم يحد حتى أعتق اعتبر حال الوجوب، وهذا كان مكافئا له حال الوجوب فلم يتغير بما طرأ بعده وإن جرح الكافر كافرا فأسلم الجارح ثم مات المجروح ففيه وجهان (أحدهما) لا قصاص عليه لأنه قد أتت عليه حالة لو قتله فيها لم يجب عليه القصاص (والثاني) يجب عليه القصاص وهو المشهور اعتبارا بحالة الإصابة، كما لو مات المجروح ثم أسلم الجارح (مسألة) ان قتل حرا عبدا لم يقتل به، سواء كان عبده أو عبد غيره.
وروى ذلك عن أبي بكر وعمر وعلى وزيد بن ثابت وابن الزبير، وبه قال مالك وأحمد، والنخعي يقتل به، سواء كان عبده أم عبد غيره.