والدعوة والارشاد من الأزهريين انه متواتر وصححنا لهم هذا الفهم بما كتبناه في مجلة الأزهر في حينه. لان الحديث آحادي من طرفه الأول، إذ لم يروه من الصحابة الا عمر، ومع أن عمر خطب به على المنبر فإنه لم يروه عنه سوى علقمة ابن وقاص الليثي، ولم يروه عن علقمة سوى محمد بن إبراهيم التيمي، ولم يروه عن التيمي سوى يحيى بن سعيد الأنصاري. وفى هذا الاسناد نكتة قلما تتوفر لغيره من الأحاديث، وهي أن كلا من علقمة الليثي والتيمي والأنصاري تابعيون متعاصرون أقران، ولم يشترك اثنان منهما في سماع الحديث من الثالث أو من عمر أما الأحكام فإنه لا يجوز دفع الكفارة إلى عبد ولا كافر ولا إلى من يلزمه نفقته لما ذكره النووي في كتاب الزكاة، ولا يجوز دفعها إلى مكاتب. وان جاز دفع الزكاة إليه، لان القصد بالكفارة المواساة المحضة، والمكاتب مستغن عن ذلك، لأنه إن كان له كسب فنفقته في كسبه. وان لم يكن له كسب فيمكنه أن يعجز نفسه وتكون نفقته على السيد (فرع) وان أطعم بعض المساكين ثم قدر على الصيام لم يلزمه الصيام كما قلنا فيمن قدر على العتق بعد الشروع في الصيام. وان وطئها في خلال الاطعام أثم بذلك ولا يلزمه الاستئناف وقال مالك يلزمه. دليلنا أن الوطئ لا يبطل ما فعله من الاطعام فلم يلزمه الاستئناف كما لو وطئ غيرها (فرع) ولا يجزيه الاطعام الا بالنية لقوله صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " متفق عليه. وهل يجب أن تكون النية مقارنة للدفع؟ أم يجوز تقديمها على الدفع؟ فيه وجهان مضى ذكرهما في الزكاة وأما التتابع فقد مضى كلامنا في نيته في هذا الباب قبل هذه الفصول بقليل (فوائد) لو أن المظاهر أدى الكفارة بإطعام المساكين فأحضرهم وأطعم كل واحد مدا لم يجزئه ذلك الا أن يملكه إياه. هذا هو مذهبنا به قال أحمد في إحدى روايتيه. والأخرى أنه يجزئه إذا أطعمهم القدر الواجب لهم. وهو قول النخعي وأبي حنيفة. وأطعم أنس في فدية الصيام. قال أحمد أطعم شيئا كثيرا وصنع الجفان. وذكر حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس. وذلك لقول
(٣٨٣)