فلم يصح نكاح الثاني. إذا ثبت هذا - فإن كان الثاني لم يدخل بها - فرق بينهما ولا شئ عليه، وإن دخل بها فرق بينهما وعليه مهر مثلها وعليها العدة، لأنه وطئ شبهة، ولا تحل للأول حتى تنقضي عدتها من الثاني، وإن لم يكن مع الأول بينة فله أن يخاصم لزوج الثاني، وله أن يخاصم الزوجة الأولى أو يبتدئ بخصومة الثاني لأنه أقرب، فإن بدأ بخصومة الثاني نظرت في الثاني فإن أنكر وقال لم يراجعها إلا بعد انقضاء عدتها فالقول قول الثاني مع يمينه، لان الأصل عدم رجعة الأول، وكيف يحلف؟
قال الشيخ أبو حامد في التعليق: يحلف أنه لم يراجعها في عدتها. وقال ابن الصباغ في الشامل: يحلف أنه لم يعلم أنه راجعها في عدتها، لأنه يحلف على نفى فعل غيره، وهذا أقيس، فان حلف الثاني سقطت دعوى الأول عنه، وإن نكل الثاني عن اليمين ردت اليمين على الأول، فان حلف أنه راجعها قبل انقضاء عدتها منه سقط حق الثاني من نكاحها، لان يمين الأول كبينة أقامها في أحد القولين.
أو كإقرار الثاني بصحة رجعة الأول، وذلك يتضمن إسقاط حق الثاني منهما فان صدقت الزوجة الأول على صحة رجعته سلمت إليه، فإن كان الثاني لم يدخل بها فلا شئ عليه وتسلم الزوجة في الحال. وإن كان الثاني دخل بها استحقت عليه مهر مثلها ولا تسلم إلى الأول الا بعد انقضاء عدتها من الثاني.
وإن أنكرت الزوجة صحة الرجعة من الأول - فان قلنا إن يمين الأول كبينة أقامها الأول - كان كأن لم يكن بين الثاني وبينها نكاح، فإن كان قبل الدخول فلا شئ لها عليه، وإن كان بعد الدخول فلها عليه مهر مثلها وان قلنا إن يمين الأول يكذبه إقرار الثاني فلا يقبل إقراره في إسقاط حقها بل إن كان قبل الدخول لزمه نصف مهرها المسمى، وإن كان بعد الدخول لزمه جميع المسمى، ولا تسلم المرأة إلى الأول على القولين، لان يمين الأول كبينة أقامها أو كإقرار الثاني في حق الثاني لا في حقها.
وإن صدق الثاني الأول أنه راجعها قبل انقضاء عدته - فإن صدقته المرأة أيضا كان كما لو أقام الأول البينة، فإن كان قبل الدخول فلا شئ لها على الثاني، وتسلم الزوجة إلى الأول في الحال، وإن كان بعد الدخول فلها على الثاني مهر مثلها