مما أعطى وهو كاذب، ورجل منع فضل الماء، فإن الله عز وجل يقول: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ماء لم تعمله يداك " ويستحب أن يتلاعنا من قيام، لما روى ابن عباس رضي الله عنه في حديث هلال بن أمية " فأرسل إليهما فجاءا فقام هلال فشهد، ثم قامت فشهدت، لان فعله من قيام أبلغ في الردع. واختلف قوله في التغليظ بالمكان فقال في أحد القولين إنه يجب لأنه تغليظ ورد به الشرع فأشبه التغليظ بتكرار اللفظ، وقال في الآخر يستحب كالتغليظ في الجماعة والزمان، والتغليظ بالمكان أن يلاعن بينهما في أشرف موضع من البلد الذي فيه اللعان، فإن كان بمكة لاعن بين الركن والمقام، لان اليمين فيه أغلظ.
والدليل عليه ما روى أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه رأى قوما يحلفون بين الركن والمقام، فقال أعلى دم؟ قالوا لا، قال أفعلى عظيم من المال؟
فقالوا لا، فقال لقد خشيت أن يبهأ الناس بهذا المقام. وإن كان في المدينة لاعن في المسجد لأنه أشرف البقاع بها، وهل يكون على المنبر أو عند المنبر؟ اختلفت الرواية فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فروى أبو هريرة رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حلف عند منبري على يمين آثمة ولو على سواك من رطب وجبت له النار وروى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على منبري هذا بيمين آثمة تبوأ مقعده من النار، فقال أبو إسحاق إن كان الخلق كثيرا لاعن على المنبر ليسمع الناس، وإن كان الخلق قليلا لاعن عند المنبر مما يلي قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال أبو علي بن أبي هريرة: لا يلاعن على المنبر، لان ذلك علو وشرف والملاعن ليس في موضع العلو والشرف، وحمل قوله على منبري أي عند منبري لان حروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض، وإن كان ببيت المقدس لاعن عند الصخرة لأنها أشرف البقاع به وإن كان في غيرها من البلاد لاعن في الجامع، إن كانت المرأة حائضا لاعنت على باب المسجد، لأنه أقرب إلى الموضع الشريف.