قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) إذا قال: إذا رأيت هلال رمضان فأنت طالق فرآه غيره طلقت لان رؤية الهلال في عرف الشرع رؤية الناس، والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته. ويجب الصوم والفطر برؤية غيره، وان قال أردت رؤيتي لم يقبل في الحكم لأنه يدعى خلاف الظاهر ويدين فيه، لأنه يحتمل ما يدعيه، فإن رآه بالنهار لم تطلق، لان رؤية هلال الشهر ما يراه في الشهر، وهو بعد الغروب، ولهذا لا يتعلق الصوم والفطر الا بما نراه بعد الغروب، وان غم عليهم الهلال فعدوا شعبان ثلاثين يوما طلقت، لأنه قد ثبتت الرؤية بالشرع فصار كما لو ثبتت بالشهادة. وان أراد رؤيته بعينه فلم يره حتى صار قمرا لم تطلق، لأنه ليس بهلال حقيقة، واختلف الناس فيما يصير به قمرا فقال بعضهم: يصير قمرا إذا استدار. وقال بعضهم: إذا بهر ضوؤه (الشرح) الحديث أخرجه النسائي بإسناد صحيح عن ابن عباس. ورواه مسلم عنه بلفظ " ان الله قد أمده لرؤيته فإن أغمي عليكم فأكملوا العدة " ورواه الترمذي ولفظه " لا تصوموا قبل رمضان، صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن حالت دونه غيابة فأكملوا ثلاثين يوما " قال الترمذي: حديث حسن صحيح وللحديث طرق عند الشيخين بألفاظ أخرى مكانها كتاب الصوم وقد مضى.
أما اللغات فقوله " واختلف الناس فيما يصير به قمرا " ففي القاموس: والقمر يكون في الليلة الثالثة، والقمراء ضوؤه.
وقال في غريب الشرح الكبير الموسوم بالمصباح المنير: قمر السماء سمى بذلك لبياضه. وقال الأزهري: ويسمى القمر لليلتين من أول الشهر هلالا، وفى ليلة ست وعشرين وسبع وعشرين هلالا، وما بين ذلك يسمى قمرا. وقال الفارابي وتبعه في الصحاح: الهلال لثلاث ليال من أول الشهر ثم هو قمر بعد ذلك، وقيل الهلال هو الشهر بعينه، وسيأتي مزيد أما الأحكام، فإن قال لامرأته: إذا رأيت هلال رمضان فأنت طالق، فإذا رآه آخر يوم من شعبان قبل الزوال أو بعده لم تطلق حتى تغيب الشمس من ذلك