وأما حروف إن وإذا فقد نص الشافعي أن إذا على الفور كالحروف الخمسة وأن حرف إن لا يقتضى الفور، بل هو على التراخي، فمن أصحابنا من عسر عليه الفرق بينهما، فقال: لا فرق بينهما، ولهذا إذا كان معهما العوض كانا على الفور فنقل جوابه في كل واحدة منهما إلى الأخرى وجعلهما على قولين، ومنهم من حملهما على ظاهرهما، وجعل إذا على الفور، وإن على التراخي، وفرق بينهما بأن حرف إذا يستعمل فيما يتحقق وجوده، وحرف إن يستعمل فيما يشك بوجوده، بدليل أنه يقال: إذا طلعت الشمس، ولهذا قال تعالى " إذا السماء انشقت " ولا يقال: إن طلعت الشمس، ويقال: إن قدم زيد، فجاز أن يكون إذا على الفور، وإن على التراخي، فإذا قلنا بهذا وقال لها: إذا لم أطلقك فأنت طالق، أو إذا لم تدخلي الدار فأنت طالق، فإذا مضى بعد قوله زمان يمكنه أن يقول فيه: أنت طالق، ولم يطلق أو مضى زمان يمكنها فيه دخول الدار ولم تدخل الدار، وقع عليها الطلاق.
وإن قال لها: إن لم أطلقك أو لم تدخلي الدار فأنت طالق، فإنها لا تطلق إلا إذا فات الطلاق أو الدخول، وذلك بآخر جزء من أجزاء حياة الميت الأول منهما، وان قال لها: كلما لا أطلقك فأنت طالق فمضى بعد هذا ثلاثة أوقات يمكنه أن يطلق فيها فلم يطلق طلقت ثلاثا، لان كلما تقتضي التكرار، لان تقديره كلما سكت عن طلاقك فأنت طالق، وقد سكت ثلاثة أوقات فطلقت ثلاثا.
(فرع) وإن كان له أربع زوجات فقال لهن: أيتكن لم أطأها اليوم فصواحبها طوالق، فان ذهب اليوم ولم يطأ واحدة منهن طلقن ثلاثا ثلاثا، لان لكل واحدة منهن ثلاث صواحب لم يطأهن، وتطلق كل واحدة من الثلاث اللاتي لم يطأهن طلقة، لان لها صاحبتين لم يطأهما، وان وطئ اثنتين في اليوم طلقت كل واحدة من الموطوءتين طلقتين لان لهما صاحبتين لم يطأهما، وتطلق كل واحدة من التي لم يطأها طلقة لأنه ليس لها الا صاحبة لم يطأها، وان وطئ ثلاثا منهن في اليوم طلقت كل واحدة من الثلاث اللاتي وطئهن طلقة، لأنه ليس لهن الا صاحبة لم يطأها ولا تطلق الرابعة لأنه ليس لها صاحبة غير موطوءة