(فرع) وإذا تزوج المسلم كتابية فإنه يتزوجها من وليها الكافر إذا كان عدلا في دينه، ولا يصح إلا بحضرة شاهدين مسلمين عدلين. وقال أحمد: لا يصح أن يتزوجها إلا من المسلم. وقال أبو حنيفة: يتزوجها من وليها الكافر، ويصح أن يكون بشهادة كافرين.
دليلنا على أحمد قوله تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) فدل ذلك على أنه لا ولاية لهم على الكافرين. وعلى أبي حنيفة لأنهما شاهدان لا يثبت بهما نكاح المسلمة، فلم يثبت بهما نكاح الكافرة كالعبدين، وكالفرق بين الولي والشاهدين لان الولي أريد لدفع العار عن النسب، والكافر كالمسلم في دفع العار والشاهدان يرادان لاثبات الفراش عند جحد أحد الزوجين، وليس الكافر كالمسلم في إثبات الفراش، لأنه لا يثبت بشهادته الفراش، ولان الولي بتعين في العقد فتأكد حاله فجاز أن يكون كافرا، والشاهد لا يتعين فلم يجز أن يكون كافرا قال المصنف رحمه الله:
(فصل) ولا يصح إلا على زوجين معينين لان المقصود بالنكاح أعيانهما فوجب تعيينهما: فإن كانت المنكوحة حاضرة فقال: زوجتك هذه صح. وان قال: زوجتك هذه فاطمة واسمها عائشة صح، لان مع التعيين بالإشارة لا حكم للاسم، فلم يؤثر الغلط فيه، وإن كانت المنكوحة غائبة فقال: زوجتك ابنتي وليس له غيرها صح، وإن قال: زوجتك ابنتي فاطمة وهي عائشة صح، لأنه لا حكم للاسم مع التعيين بالنسب، فلم يؤثر الخطأ فيه، وإن كان له اثنتان فقال:
زوجتك ابنتي لم يصح حتى يعينها بالاسم أو بالصفة، وإن قال: زوجتك عائشة وقبل الزوج ونويا ابنته، أو قال زوجتك ابنتي وقبل الزوج ونويا الكبيرة صح لأنها تعينت بالنية، وان قال زوجتك ابنتي ونوى الكبيرة وقبل الزوج ونوى الصغيرة لم يصح، لان الايجاب في امرأة والقبول في أخرى. وان قال زوجتك ابنتي عائشة، ونوى الصغيرة وقبل الزوج، ونوى الكبيرة، صح النكاح في عائشة في الظاهر، ولم يصح في الباطن، لان الزوج قبل في غير ما أوجب الولي.