قال المصنف رحمه الله:
(فصل) ويجوز للأب والجد تزويج البكر من غير رضاها صغيرة كانت أو كبيرة: لما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأمرها أبوها في نفسها) فدل على أن الولي أحق بالبكر وإن كانت بالغة فالمستحب أن يستأذنها للخبر وإذنها صماتها لما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها) ولأنها تستحي أن تأذن لأبيها بالنطق فجعل صماتها إذنا، ولا يجوز لغير الأب والجد تزويجها إلا أن تبلغ وتأذن، لما روى نافع (أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه تزوج بنت خاله عثمان ابن مظعون فذهبت أمها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت: إن ابنتي تكره ذلك فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفارقها. وقال: لا تنكحوا اليتامى حتى تستأمروهن، فإن سكتن فهو إذنهن فتزوجت بعد عبد الله، المغيرة ابن شعبة) ولأنه ناقص الشفقة ولهذا لا يملك التصرف في مالها بنفسه، ولا يبيع مالها من نفسه، فلا يملك التصرف في بضعها بنفسه، فان زوجها بعد البلوغ ففي اذنها وجهان.
(أحدهما) أن اذنها بالنطق لأنه لما افتقر تزويجها إلى اذنها افتقر إلى نطقها بخلاف الأب والجد.
(والثاني) وهو المنصوص في الاملاء وهو الصحيح: أن اذنها بالسكوت لحديث نافع، وأما الثيب فإنها ان ذهبت بكارتها بالوطئ فإن كانت بالغة عاقلة لم يجز لاحد تزويجها إلا بإذنها، لما روت خنساء بنت خدام الأنصارية (أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت ذلك، فذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرد نكاحها) وإذنها بالنطق لحديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها) فدل على أن اذن الثيب بالنطق، وإن كانت صغيرة لم يجز تزويجها حتى تبلغ وتأذن لان اذنها معتبر في حال الكبر