قال المصنف رحمه الله:
(فصل) وتملك المرأة المسمى بالعقد إن كان صحيحا، ومهر المثل إن كان فاسدا، لأنه عقد يملك المعوض فيه بالعقد فملك العوض فيه بالعقد كالبيع، وإن كانت المنكوحة صغيرة أو غير رشيدة سلم المهر إلى من ينظر في مالها، وإن كانت بالغة رشيدة وجب تسليمه إليها، ومن أصحابنا من خرج في البكر البالغة قولا آخر أنه يجوز أن يدفع إليها أو إلى أبيها وجدها، لأنه يجوز إجبارها على النكاح فجاز للولي قبض صداقها بغير إذنها كالصغيرة، فان قال الزوج لا أسلم الصداق حتى تسلم نفسها، فقالت المرأة: لا أسلم نفسي حتى أقبض الصداق ففيه قولان.
(أحدهما) لا يجبر واحد منهما بل يقال: من سلم منكما أجبرنا الاخر.
(والثاني) يؤمر الزوج بتسليم الصداق إلى عدل وتؤمر المرأة بتسليم نفسها فإذا سلمت نفسها أمر العدل بدفع الصداق إليها كالقولين فيمن باع سلعه بثمن معين، وقد بينا وجه القولين في البيوع، فان قلنا: بالقول الأول لم تجب لها النفقة في حال امتناعها، لأنها ممتنعة بغير حق، وان قلنا بالقول الثاني وجبت لها النفقة لأنها ممتنعة بحق وان تبرعت وسلمت نفسها ووطئها الزوج أجبر على دفع الصداق وسقط حقها من الامتناع، لان بالوطئ استقر لها جميع البدل فسقط حق المنع كالبائع إذا سلم المبيع قبل قبض الثمن.
(الشرح) الأحكام: تملك المرأة جميع المهر المسمى لها بنفس العقد إن كان ما سماه صحيحا، وإن كان باطلا ملكت مهر المثل، وبه قال أبو حنيفة وأحمد رضي الله عنه وقال مالك رضي الله عنه: تملك نصف المسمى بالعقد والنصف الباقي أمانة في يدها للزوج فإن دخل بها استقر ملكها على الجميع.
دليلنا قوله تعالى (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) فلولا أنهن ملكنه لما أمر بتسليمه إليهن، ولأنه عوض عن مقابلة معوض فملك في الوقت التي تملك به المعوض كالأثمان في البيع، وإن كانت المنكوحة صغيرة أو كبيرة. مجنونة أو سفيهة فللأب والجد أن يقبض صداقها لان له ولاية على مالها، وإن كانت بالغة