بصحة النكاح، وإن علم فسقهما حال الشهادة لم يحكم بصحة العقد بل يحكم بفساده على المذهب، فإن عرف أنهما كانا عدلين في الظاهر وجهل عدالتهما في الباطن فلا يجوز أن يحكم بصحة العقد ولا بفساده بل يتوقف إلى أن يعلم عدالتهما في الباطن، لأنه لا يجوز أن يحكم بشهادة شاهد الا بعد معرفة حاله ظاهرا وباطنا، بخلاف ما لو أقر بالنكاح، هكذا ذكر الشيخ أبو حامد في التعليق. وذكر ابن الصباغ أن الرجل إذا ادعى نكاح امرأة بولي وشاهدي عدل فأقام شاهدين عدلين عند الحاكم فإنه يبحث عن حالهما عند الحاكم ولا يبحث عن حالهما حين العقد، والأول أصح. وهل ينعقد النكاح بشهادة أعميين أو أعمى وبصير؟ فيه وجهان أحدهما ينعقد، لان الأعمى من أهل الشهادة، والثاني: لا يصح لأنه لا يعرف العاقد فهو كالأصم الذي لا يسمع لفظ العاقد، وهل ينعقد بشهادة أخرسين أو أخرس وناطق؟ فيه وجهان (أحدهما) لا ينعقد، قال الشيخ أبو حامد: وهو المذهب، لان الشهادة تفتقر إلى صريح اللفظ، والأخرس لا يتأتى منه ذلك.
(والثاني) ينعقد. قال القاضي أبو الطيب: وهو المذهب لان إشارته إذا كانت مفهومة تقوم مقام عبارة غيره، وهل تنعقد شهادة أصحاب الصنع الدنيئة مثل الحجام والقصاب والكناس وغيرهم؟ فيه وجهان بناء على جواز قبول شهادتهم في سائر الحقوق؟ ويأتي بيانهما في موضعهما، وان عقد النكاح بشهادة ابني أحد الزوجين أو بشهادة ابنه وحده أو بشهادة عدوى أحد الزوجين صح النكاح لأنه يثبت بشهادتهما، وهو إذا شهد الابنان على والدهما أو شهد العدوان لعدوهما، وان عقد النكاح بشهادة ابني الزوجين أو ابن لهذا وابن لهذه أو جد هذا وجد هذه أو عدوين لهما ففيه وجهان، أحدهما ينعقد لأنهما من أهل الشهادة في النكاح في الجملة، والثاني: لا ينعقد لأنه لا يثبت بشهادتهما بحال من الأحوال، من أصحابنا الخراسانيين من قال: ينعقد بشهادة العدوين وجها واحدا، لان العداوة قد تزول (فرع) وليس من شرط الشهادة احضار الشاهدين بل لو حضر الشاهدان لأنفسهما وسمعا الايجاب والقبول صح ذلك ولو سمعا الايجاب والقبول ولم يسمعا الصداق صح النكاح لان الصداق ليس بشرط في النكاح، وان سمع أحد الشاهدين الايجاب وسمع الآخر القبول لم يصح النكاح، لأنهما شرط في الايجاب والقبول