والجوز والزبيب والدراهم والدنانير وغير ذلك يكره، وروى أن أبا مسعود الأنصاري رضي الله عنه كان إذا نثر للصبيان يمنع صبيانه عن التقاطه، وبه قال عطاء وعكرمة وابن سيرين وابن أبي ليلى.
وقال أبو حنيفة والحسن البصري وأبو عبيد وابن المنذر، لا يكره، وقال القاضي أبو القاسم الصيمري: يكره التقاطه، وأما النثر نفسه فمستحب، وقد جرت العادة للسلف به، وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما زوج عليا رضي الله عنه فاطمة عليها السلام نثر عليهما، والأول هو المشهور، والدليل عليه أن النثار يؤخذ نهبة ويزاحم عليه، وربما أخذه من يكرهه صاحبه، وفى ذلك دناءة وسقوط مروءة، وما ذكره الصيمري غير صحيح لأنه لا فائدة في نثاره إذا كان يكره التقاطه، فإن خالف ونثر فالتقط رجل فهل للذي نثره أن يسترجعه، فيه وجهان حكاهما الداركي.
(أحدهما) أن يسترجعه لأنه لم يوجد منه لفظ يملك به.
(والثاني) ليس له أن يسترجعه وهو اختيار المسعودي لأنه نثر للتملك بحكم العادة. قال المسعودي لو وقع في حجر رجل كان أحق به، فلو التقطه آخر من حجره أو قام فسقط من حجره فهل يملكه الملتقط، الصحيح أنه لا يملكه، قال الشيخ أبو حامد، وحكى أن أعرابيا تزوج فنثر على رأسه زبيبا فأنشأ يقول:
ولما رأيت السكر العام قد غلا * وأيقنت أنى لا محالة ناكح نثرت على رأسي الزبيب لصحبتي * وقلت: كلوا كل الحلاوة صالح قال أبو العباس بن سريج: ولا يكره للمسافرين أن يخلطوا زادهم فيأكلوا، وإن أكل بعضهم أكثر من بعض بخلاف النثار يؤخذ بقتال وازدحام بخلاف الزاد، قال القاضي أبو الطيب الكتب التي يكتبها الناس بعضهم إلى بعض، قال أصحابنا لا يملكها المحمولة إليهم ولكن لهم الانتفاع بها بحكم العادة، لان العادة جرت بإباحة ذلك والله أعلم.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل) ومن دعى إلى وليمة وجب عليه الإجابة لما روى ابن عمر (رض)