باجتهاده ثم وجد النص بخلافه. ومن أصحابنا من قال: فيه قولان بناء على القولين في الحاكم إذا حكم بشهادة شاهدين ثم بان أنهما كانا فاسقين، وإن عقد بشهادة أعميين ففيه وجهان.
(أحدهما) أنه يصح، لان الأعمى يجوز يكون شاهدا، (والثاني) لا يصح، لأنه لا يعرف العاقد فهو كالأصم الذي لا يسمع لفظ العاقد ويصح بشهادة ابني أحد الزوجين، لأنه يجوز أن يثبت النكاح بشهادتهما وهو إذا جحد الزوج الآخر وهل يصح بشهادة ابنيهما؟ أو بشهادة ابن الزوج وابن الزوجة، فيه وجهان (أحدهما) يصح لأنهما من أهل الشهادة (والثاني) لا يصح لأنه لا يثبت هذا النكاح بشهادتهما بحال.
(فصل) وإذا اختلف الزوجان فقالت الزوجة: عقدنا بشاهدين فاسقين وقال الزوج: عقدنا بعدلين، ففيه وجهان (أحدهما) ان القول قول الزوج لان الأصل بقاء العدالة (والثاني) أن القول قول الزوجة، لان الأصل عدم النكاح وإن تصادقا على أنهما تزوجا بولي وشاهدين، وأنكر الولي والشاهدان لم يلفت إلى إنكارهم لان الحق لهما دون الولي والشاهدين.
(الشرح) حديثا عائشة وابن مسعود رضي الله عنهما مضى تخريجهما في بحث النكاح بولي. أما الأحكام: فإنه لا يصح النكاح إلا بحضرة شاهدين ذكرين عدلين، وروى ذلك عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس والحسن البصري وابن المسيب والنخعي والشعبي والأوزاعي وأحمد بن حنبل. وقال ابن عمر وابن الزبير وعبد الرحمن بن مهدي وداود وأهل الظاهر. لا يفتقر النكاح إلى الشهادة، وبه قال مالك، إلا أنه قال من شرطه أن لا يتواصوا بكتمانه، وان تواصوا على كتمانه لم يصح النكاح وان حضره شهود، وبه قال الزهري. وقال أبو حنيفة: من شرطه الشهادة الا أنه ينعقد بشهادة رجلين فاسقين وعدوين ومحدودين، وشاهد وامرأتين.
دليلنا ما روى عمران بن الحصين رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا نكاح الا بولي وشاهدي عدل) رواه أحمد في رواية ابنه عبد الله ورواه الدارقطني، وأشار إليه الترمذي، وروت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال