(باب المدبر) التدبير قربة لأنه يقصد به العتق ويعتبر من الثلث في الصحة والمرض، لما روى عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المدبر من الثلث، ولأنه تبرع يتنجز بالموت فاعتبر من الثلث كالوصية، فإن دبر عبدا وأوصى بعتق آخر وعجز لثلث عنهما أقرع بينهما. ومن أصحابنا من قال فيه قول آخر أنه يقدم المدبر لأنه يعتق بالموت والموصى بعتقه لا يعتق بالموت والصحيح هو الأول لان لزومهما بالموت فاستويا (فصل) ويصح من السفيه لأنه إنما منع من التصرف حتى لا يضيع ماله فيفتقر وبالتدبير لا يضيع ماله لأنه باق على ملكه، وإن مات استغنى عن المال وحصل له الثواب، وهل يصح من الصبي المميز، فيه قولان (أحدهما أنه يصح لما ذكرناه في السفيه (والثاني) لا يصح وهو الصحيح لأنه ليس من أهل العقود فلم يصح تدبيره كالمجنون (فصل) والتدبير هو أن يقول إن مت فأنت حر، فإن قال دبرتك أو أنت مدبر ونوى العتق صح، وإن لم ينو فالمنصوص في المدبر أنه يصح. وقال في المكاتب إذا قال كاتبتك على كذا وكذا لم يصح حتى يقول فإذا أديت فأنت حر فمن أصحابنا من نقل جوابه في المدبر إلى المكاتب وجوابه في المكاتب إلى المدبر وجعلهما على قولين (أحدهما) أنهما صريحان لأنهما موضوعان للعتق في عرف الشرع (والثاني) أنهما كنايتان فلا يقع العتق بهما إلا بقرينة أو نية لأنهما يستعملان في العتق وغيره، ومنهم من قال في المدبر صريح وفي المكاتب كناية، ولم يذكر فرقا يعتمد عليه.
(فصل) ويجوز مطلقا وهو أن يقول: إن مت فأنت حر، ويجوز مقيدا وهو أن يقول: إن مت من هذا المرض أو في هذا البلد فأنت حر، لأنه عتق معلق على صفة فجاز مطلقا ومقيدا كالعتق المعلق على دخول الدار، ويجوز تعليقه على شرط، بأن يقول إن دخلت الدار فأنت حر بعد موتى، كما يجوز أن يعلق العتق المعلق على دخول الدار بشرط قبله، فإن وجد الشرط صار مدبرا،