عادما لطول حرة مسلمة وخائفا للعنت فأقرضه رجل مهر حرة أو رضيت الحرة بتأخير الصداق عليه حل له نكاح الأمة، لان عليه ضررا بتعلق الدين بذمته، وإن بذل له رجل هبة الصداق حل له نكاح الأمة لان عليه منه في ذلك، وإن وجد طول حرة مسلمة إلا أنه لا يتزوج لقصور نسبه أو لم يزوجه أهل البلد إلا بأكثر من مهر المثل فله أن يتزوج أمة لأنه غير قادر على حرة مسلمة، ووجود الشئ بأكثر من ثمن مثله بمنزلة عدمه، وان رضيت الحرة بدون مهر المثل وهو واجد له فهل له أن يتزوج أمة؟ فيه وجهان حكاهما المسعودي، وإن كان تحته حرة صغيرة لا يقدر على وطئها، أو تحته كبيرة مريضه أو غائبه لا يصل فهل له أن يتزوج أمة؟ فيه وجهان (أحدهما) يجوز له نكاح الأمة، لان الله تعالى شرط في نكاحها أن لا يستطيع نكاح المحصنات المؤمنات والشرط موجود (والثاني) لا يجوز له وهو الأصح لأنه لا يخاف العنت.
(مسألة) لا يصح نكاح العبد لمولاته لتناقض أحكام الملك والنكاح في النفقة والسفر، لان العبد مستحق النفقة عليها وهي مستحقة النفقة عليه، وللمرأة أن تسافر بعبدها إلى أي بلد تشاء، وللزوج أن يسافر بزوجته إلى أي بلد يشاء، فلو صححنا نكاحه لمولاته لتناقضت الأحكام في ذلك، فإن تزوج حرة ثم ملكته انفسخ نكاحها منه لان حكم ملك اليمين أقوى من النكاح. ولا يصح للرجل أن ينكح جارية ولده لصلبه، ولا ولد ولده وان سفل لان له شبهه في ماله بدليل أنه يجب عليه إعفافه فصارت كجارية نفسه، وفى أحكام هذه الفصول فروع كثيرة اجتزأنا بأحراها بنظرة الاسلام إلى ظاهرة الرق لندعم بها ما قررنا في أول أبواب العتق. والله تعالى أعلم.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل) ولا يجوز نكاح المعتدة من غيره لقوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) ولأن العدة وجبت لحفظ النسب، فلو جوزنا فيها النكاح اختلط النسب وبطل المقصود، ويكره نكاح المرتابة بالحمل بعد انقضاء العدة، لأنه لا يؤمن أن تكون حاملا من غيره، فإن تزوجها ففيه وجهان.