لا حاجة به إليه، وكم يجوز للأب والجد أن يزوجا الصغير؟ حكى الشيخ أبو حامد أن الشافعي رضي الله عنه قال: له أن يزوجه بزوجة واحدة واثنتين وثلاثا وأربعا كالبالغ، ومن أصحابنا من قال: لا يجوز له أن يزوجه بأكثر من واحدة، لأنه لا حاجة به إلى ما زاد عليها، ويجوز للولي والحاكم أن يزوجا الصغير كما قلنا في الأب والجد.
(فرع) ولا يجوز للأب والجد ولا للوصي ولا للحاكم تزويج الصغير المجنون لأنه لا يحتاج إلى النكاح في الحال، ولا يدرى إذا بلضع هل يحتاج إلى النكاح أم لا، بخلاف الصغير العاقل، لأن الظاهر أن يحتاج إلى النكاح عقد بلوغه، فإن كان المجنون بالغا نظرت، فإن كان يجن ويفيق، لم يجز للولي تزويجه لان له حالة يمكن استئذانه فيها وهي حال إفاقته، وإن لم يكن له حال الإفاقة، فإن كان خصيا أو مجبوبا أو علم أنه لا يشتهى النكاح لم يجز للولي تزويجه لأنه لا حاجة به إلى النكاح، وان علم أنه يشتهى بأن يراه يتبع نظره النساء أو علم ذلك بانتشار ذكره أو غير ذلك جاز للأب والجد تزويجه لان فيه مصلحة له، وهو ما يحصل له به من العفاف، فإن لم يكن له أب ولا جد زوجه الحاكم.
(مسألة) قال الشافعي رضي الله عنه: وليس له أن يزوج ابنته الصغيرة عبدا ولا غير كفؤ ولا مجنونا ولا مخبولا ولا مجذوما ولا أبرص.
وهذا كما قال: لا يجوز للرجل أن يزوجها لغير كفؤ، وقد مضى شروط الكفاءة. والمريض بمرض عقلي أن جسماني مزمن لا يجوز له أن يرضى به زوجا لابنته الصغيرة. لان القصد من النكاح الاستمتاع وهذا متعذر منه ولأنه لا يؤمن أن يجنى عليها. والمخبول هو الذي تقادم جنونه وسكن. فلا يتأذى الناس به، أو يكون أبله لا يحصل منه أذية، وهذا يحدث من خلل في تلافيف المخ يترتب عليها أعراض ظاهرة كارتخاء الشفتين أو انفراج الفم وسيلان اللعاب والعى والفهاهة في النطق، لان مراكز المخ إذا اختلت بعض خلاياها وما أكثرها ظهرت أعراضها فان بعضها مختص بحواس البشرة واللمس وبعضها بحواس الشم وبعضها بحواس الذوق إلى آخر ما عند الانسان من آفاق حيويه مادية ومعنوية