(الشرح) حديث سعد بن الربيع ومجئ امرأته للنبي صلى الله عليه وسلم تشكوا أخاه مضى تخريجه، وحديث ابن عباس رواه الشيخان وأحمد في مسنده وحديث يا بنى إسماعيل ارموا مضى تخريجه في كتاب السبق والرمي، أما العصبة فهي القرابة الذكور الذين يدلون بالذكور، هذا معنى ما قاله علماء اللغة، وهو جمع عاصب مثل كفرة جمع كافر، وقد استعمل الفقهاء العصبة في الواحد إذا لم يكن غيره لأنه قام مقام الجماعة في إحراز جميع المال، والشرع جعل الأنثى عصبة في مسألة الاعتاق وفى مسألة من المواريث فقلنا بمقتضاه في مورد النص، وقلنا في غيره: لا تكون المرأة عصبة لا لغة ولا شرعا وعصب القوم بالرجل عصبا من باب ضرب أحاطوا به لقتال أو حماية، فلهذا اختص الذكور بهذا الاسم لقوله عليه السلام (فلأولى عصبة ذكر) فذكر صفة الأولى وفيه معنى التوكيد كما في قوله تعالى (إلهين اثنين).
قال في البيان: العصبة كل ذكر لا يدلى إلى الميت بأنثى، وإنما سميت عصبة لأنه يجمع المال ويحوزه مشتق من العصابة لأنها تحيط الرأس وتجمعه، والأصل في توريث العصبة قوله تعالى (ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم) قال مجاهد: الأقربون ههنا هم العصبة.
إذا ثبت هذا: فأقرب العصبة الابن وان سفل ثم الأب قال المسعودي:
ومنهم من لا يسمى الابن عصبة وليس بشئ، والدليل على أن الابن أقرب تعصيبا من الأب قوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم) فبدأ بذكر الولد قبل الوالد والعرب لا تبدأ الا بالأهم فالأهم، ولان الله تعالى فرض للأب مع الولد السدس فدل على أن الابن أسقط تعصيب الأب، لأنه إنما يأخذ السدس بالفرض، ولان الابن بعصب أخته بخلاف الأب فان عدم البنون وبنوهم وبنوهم وان سفلوا كان التعصيب للأب وكان أحق من سائر العصبات لان سائر العصبات يدلون به، فان عدم الأب كان التعصيب للجد ان لم يكن أخ لأنه يدلى بالأب ثم أب الجد وان علا يقدمون على الأعمام وان لم يكن جد وهناك أخ لأب وأم أو لأب كان التعصيب له لأنه بدلي بالأب، فان اجتمع الأب والأخ كان المال بينهما عندنا على ما يأتي