أما الأحكام فإنه يجوز ضرب الدف في العرس لحديث: فصل ما بين الحلال والحرام الدف.
وأقل ما يفيده هذا الحديث هو الندب، ويؤيد ذلك ما في حديث المازني عمرو بن يحيى عن جده أبى الحسن (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره نكاح السر حتى يضرب بدف ويقال: أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم) رواه ابن ماجة. قال في الفتح: في رواية شريك: فقال: فهل بعثتم جارية تضرب بالدف وتغني. قلت ماذا، قال تقول:
أتيناكم أتيناكم * فحيانا وحياكم ولولا الذهب الأحمر ما حلت بواديكم ولولا الحنطة السمراء ما سمنت عذاريكم فإذا دعي إلى وليمة فيها دف أجاب، وان دعى إلى وليمة فيها منكر من خمر أو مزامير فضلا عن الراقصات والمغنيات وما أشبه ذلك، فان علم بذلك قبل الحضور، فإن كان قادرا على إزالته لزمه أن يحضر لوجوب الإجابة وإزالة المنكر، وإن كان غير قادر على إزالته لم يلزمه الإجابة ولم يستحب له الحضور.
بل ترك الحضور أولى، فان حضر ولم يشارك في المنكر لم يأثم، وان لم يعلم به حتى حضر فوجده، فان قدر على إزالته وجب عليه الإزالة، لأنه أمر بمعروف ونهى عن منكر. وإن لم يقدر على إزالته فالأولى له أن ينصرف لحديث النهى عن أن يجلس على مائدة تدار عليها الخمر.
فإن لم ينصرف فان قصد إلى سماع المنكر أثم بذلك وان لم يقصد إلى استماعه بل سمعه من غير قصد لم يأثم بذلك لخبر نافع وابن عمر حتى قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع:
فموضع الدليل أن ابن عمر لم ينكر على نافع سماعه. ولان رجلا لو كان له جار في داره منكر ولا يقدر على ازالته فإنه لا يلزمه التحول من داره لأجل المنكر.