واحد منهما أن يزوجها برجل غير الذي أذنت به للآخر، أو أذنت لكل واحد منهما أن يزوجها برجل ولم يعين. وقلنا يجوز، فزوجها كل واحد منهما برجل.
ففيه خمس مسائل:
(1) أن يعلم أن العقدين وقعا معا في حالة واحدة فهما باطلان، لأنه لا يمكن الجمع بينهما، إذ المرأة لا يجوز أن يكون لها زوجان لاختلاط النسب وفساده، وليس أحدهما أولى من الاخر في التقديم فبطلا كما لو تزوج أختين في عقد واحد (2) أن لا يعلم هل وقع العقدان في حالة واحدة أو سبق أحدهما الاخر، فقال أصحابنا البغداديون بطل العقدان، لأنه لا يمكن الجمع بينهما، ولا مزية لأحدهما على الاخر في التقديم. وقال الخراسانيون: بطل العقدان في الظاهر، وهل يبطلان في الباطن. فيه وجهان.
(3) أن يعلم أن أحدهما سبق الاخر إلا أنه أشكل عين السابق منهما، فقال أصحابنا البغداديون بطل العقدان لما ذكرنا في الذي قبلها. ومن أصحابنا من قال فيها قولان (أحدهما) أنهما باطلان (والثاني) يتوقف فيهما بناء على القولين في الجمعتين إذا وقعتا معا في بلدة وعلم بسبق إحداهما، ولم يتيقن السابقة، وهذا اختيار الجويني.
(4) أن يعلم أحد العقدين سبق الاخر، ونسي السابق منهما، فيتوقفان إلى أن يتذكر السابق، لأن الظاهر مما علم ثم نسي أن يتذكر (5) أن يعلم السابق منهما ويتعين ويذكر، فإن النكاح الصحيح هو الأول، والثاني باطل، سواء دخلا بها أو لم يدخلا بها. أو دخل بها أحدهما، وبه قال في الصحابة علي رضي الله عنه، ومن التابعين شريح والحسن البصري. ومن الفقهاء الأوزاعي وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق، وذهبت طائفة إلى أنه ان لم يطأها أحدهما أو وطئاها معا أو وطئها الأول دون الثاني فهي للأول كقولنا. وان وطئها الأول دون الثاني فالنكاح للثاني دون الأول وبه قال عمر (رض) وعطاء والزهري ومالك دليلنا قوله تعالى (حرمت عليكم أمهاتكم) إلى قوله (والمحصنات من النساء) والمراد به المزوجات ولم يفرق وروى سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا نكح الوليان فهي للأول منهما ولأنه نكاح لو عرى عن الوطئ لم يصح، فإذا كان فيه الوطئ لم يصح كنكاح المعتدة والمحرمة بالحج